تطبيع من الداخل المتطرف غليك يزور بيت جالا


مهدي مبارك عبدالله

=

بقلم // مهدي مبارك عبد الله

سلوك شاذ ومشين ومدان ومستنكر يمس القيم الوطنية والإنسانية والمجتمعية للشعب الفلسطيني الذي يواجه يوميا انتهاكات الاحتلال ومستوطنوه لدور العبادة المسيحية والإسلامية والاعتداءات العنصرية المتواصلة على الآمنين في القدس المحتلة خاصة في حي الشيخ جراح وفي حدث اعتبر جريمة وطنية مستجدة وخيانة مفضوحة وخذلان للقدس وأهلها ولعموم الشعب الفلسطيني خرج علينا بعض ممن لا يمثلون الشعب الفلسطيني لاستقبال مجرمين وارهابيين ومتطرفين صهاينة على أراضي دولة فلسطين وتحديدا في مدينة بيت جالا في الضفة الغربية المحتلة ليضعوا انفسهم في الطرف المعادي للوطن والشعب والأمة

بعيدا عن علم الحاكم الاداري لمحافظة بيت لحم وبغياب تام لرقابة الأجهزة الامنية للسلطة الفلسطينية وباستهتار كامل لقواعد القانون والنظام ومعايير المجتمع المدني ومؤسساته استقبل الأربعاء الماضي القس ( جوني شهوان ) مؤسس ومدير (مؤسسة بيت اللقاء ) في بلدة بيت جالا بمحافظة بيت لحم بالضفة المحتلة راس الارهاب المتطرف الصهيوني ( يهودا غليك ) أحد أكبر ا الداعين لاقتحام المسجد الأقصى وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا وأبرز المحرضين على حملات التطهير العرقي ضد سكان حي الشيخ جراح وغيرها من أحياء القدس

ما كشف خفايا هذه الزيارة التطبيعية وفضح الاجتماع الخياني الذي حاولت المؤسسة اخفائه هو اعلان مؤسسة ( شالوم جيروساليم الإسرائيلية ) التي يديرها المتطرف الإسرائيلي غليك عن لقاءه مع وفد سياحي ألماني داخل مؤسسة بيت اللقاء في بلدة بيت جالا في بيت لحم بحضور مديرها وبعض الأشخاص ممن هم على شاكلته

في غمرة الاحتفاء بالاستضافة نشر غليك عدة صور من اللقاء عنونها بعبارة ( أخبار جيدة السياحة عادت إلى بيت لحم ) بعدما اجتمعنا وتحدثنا مع 50 سائحا ألمانيًا في مؤسسة بيت اللقاء حيث ظهر في واحدة منها القس شهواني وغاليك في صورة سيلفي متلاصيقان وهما يبتسمان بدون وجل او خجل وهو ما اثار حنق الفلسطينيين غضبهم الذي عبروا عنه في كتاباتهم على مواقع التواصل وفي مجالسهم سيما وان الزيارة ترافقت مع الهجمات الدامية ضد القدس واهلها التي ينفذها جيش الاحتلال والمستوطنين ولا يزال الشارع الفلسطيني يعيش في حالة صدمة بسبب هذه الخطوة المستغربة

اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين ومجلس إدارة مؤسسة بيت اللقاء استنكرا وادانا بأشد العبارات استقبال رئيسها جوني شهوان للمتطرف غليك زعيم منظمة هاليبا المتطرفة والذي وصفوه بالإرهابي الصهيوني المجرم

الجانب الرسمي والشعبي والفصائلي لم يقتنع بالمبررات التي ساقتها المؤسسة بخصوص الاستقبال سيما وان المجرم غاليك معروف جيدا للفلسطينيين بسبب قياداته لعمليات اقتحام للمسجد الأقصى مرات عديدة ودعواته المستمرة الى اداء الصلوات التلمودية في الاقصى وقد سبق له ان قام بجولة تحدي لمشاعر المسلمين في ساحات المسجد بداءها من ساحة باب المغاربة حتى خرج من باب السلسلة

السؤال المحير كيف يسمح لمتطرف معروف بعدائه للفلسطينيين والعرب عموماً بزيارة مدينة فلسطينية والالتقاء مع عدد من الفلسطينيين بعد كل ما قام به من تدنيس واعتداءات ضد المسجد الاقصى المبارك على مدار سنوات عديدة وكيف يتم الجلوس معه والتقاط صور السلفي

يعلم الجميع انه لطالما كان هذا الجرذ القذر من أشد الناس عداوة للفلسطينيين ولم يخفي عدائه يوما بل كان يجهر به نهاراً جهاراً وأمام وسائل الإعلام وهو يقود أحدى الجمعيات الاستيطانية المتطرفة ( الحريديم ) التي تبدي عداء شديد للفلسطينيين وتدعو لهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه وها هو احد عتاة مجرميها يتمكن من الوصول إلى بعض الفلسطينيين والتطبيع معهم

أصبح يهودا غليك من أشهر قادة اليمين القومي المتطرف الإسرائيلي، بعدما عرف بمحاولاته الرامية إلى تغيير القانون الإسرائيلي للسماح لليهود بأداء الصلاة في باحة المسجد الأقصى وقد صرح يوما إن ( جبل الهيكل هو مصدر حياتي ومصدر رزقي ) أيضا وهو ناشط سياسي في حزب الليكود اليميني المتطرف وصديق حميم لنتن ياهو

ولد هذا المستوطن الافاك في الولايات المتحدة ووصل إلى فلسطين بينما كان في التاسعة من العمر وهو عضو فاعل في إدارة ( منظمة جبل الهيكل اليمينية المتطرفة ) ويحمل لقب حاخام ويقيم في مستوطنة ( عتنائيل ) قرب الخليل جنوب الضفة الغربية و لا زال يعمل بشراسة على تغيير القانون الإسرائيلي الذي يمنع اليهود من الصلاة في باحة الأقصى كما ويرسل بيانات يومية لوسائل الإعلام يشكو فيها من المضايقات التي يتعرض لها اليهود في باحة المسجد الأقصى من قبل المصلين المسلمين والشرطة الإسرائيلية بالإضافة إلى حديثه عن المخاطر التي يتعرض لها جبل الهيكل

أصيب غليك بعدة أعيرة نارية في البطن والصدر والرقبة جراء محاولة اغتيال نفذها الفلسطيني الشهيد معتز حجازي بعد دقائق من ألقائه خطاب في مؤتمر خاص كان يدعو فيه الى عودة إسرائيل إلى جبل الهيكل وقد اعتقل عدة مرات لمحاولته الصلاة مع يهود آخرين في المسجد الأقصى وهو ما يمنعه القانون الإسرائيلي وكذلك فتاوي الحاخامية الكبرى في الكيان الصهيوني

وان ترويجه المتواصل لفكرة صلاة اليهود في المسجد الأقصى دفع بعض نواب اليمين إلى تقديم مشروع قانون في الكنيست يهدف إلى تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي وهي المبادرة التي أدت إلى تفاقم التوتر في القدس الشرقية المحتلة والصدامات الدامية

لا يمكن بأي حال تجاوز هذه الزيارة لا أخلاقيا ولا وطنياً ولا انسانيا لأن اللقاء مع هذا الإرهابي والمجرم وسواه من المتطرفين الصهاينة غير مقبول على الإطلاق ويجب التصدي لمثل هذه اللقاءات التطبيعية وفضح رموزها والتظاهر لإقالة المدعو جوني شهوان من وظيفته كمدير للمؤسسة واعفاؤه من رتبته الكنسية والتحقق فيما اذا كان هناك افراد آخرون متورطين معه في هذه الجريمة الشنيعة

بالإضافة الى ضرورة القيام بحملة واسعة لمقاطعة ومحاسبة وفضح كل من يقوم بمثل هذا التواصل المشين وكشف المؤسسات التي تروج له وتشارك في القاءاته لأنها في النهاية تصب في صالح التطبيع مع الاحتلال وتضر بمصالح الشعب الفلسطيني ونضاله كما انها تشكل ضربةً وطعنةً لصموده ومقاومته الباسلة ضد الاحتلال وجرائمه العنصرية

كما يجب محاسبة ومساءلة كل من قام باستقبال المجرم غليك في بيت جالا سواء كانوا أشخاص أو جمعيات خاصة وان هذه الزيارة تعد تصرف غير مبرر على أي مستوى من المستويات وفيها تجاوز للموقف الوطني وتساوق مع مسار التطبيع المذل واعتداءً سافراً على تضحيات الشعب الفلسطيني لان الارعن غليك من المعروفين بتطرفهم وعداءهم المطلق للفلسطينيين والشمش لا تغطى بالغربالم

رغم أن التطبيع بمعنى الاندماج مع المحتل الصهيوني أو تسهيل عمله غير موجود في الضفة الغربية وليس هنالك عناوين تدعو للتطبيع مع الاحتلال في الوقت الحالي وقد يبدو ذلك جليا في ظل الرفض الواسع للشعب الفلسطيني لهذه الزيارة المستهجنة على سبيل المثال الا اته في الواقع توجد ضغوط لعدة دول غربية تسعى لعقد ما يسمى بلقاءات التعارف أو اللقاءات الشبابية أو تواصل الخبراء وغيرها من الوسائل والقنوات التطبيعية المشبوهة

يذكر ان الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية وبعد ( صحوة متأخرة ) ووقوع الفأس في الرأس قامت بإغلاق مؤسسة بيت اللقاء التي جرى فيها استضافة غاليك لمدة أسبوع لحين استكمال التحقيق فيما جرى واتخاذ الإجراءات اللازمة

المؤسسة وبحرص شديد حاولت الدفاع عن نفسها من خلال إعلانها عدم معرفتها بأسماء الوفد الزائر الذي كان يضم غليك ( تبرير اقبح من ذنب ) وادعت أنهم استضافوا عددا من السياح الألمان وكان ضمن البرنامج أن يتحدث رئيس مجلس إدارة المؤسسة القس جوني شهوان عن نشاطات المؤسسة في خدمة المجتمع الفلسطيني المحلي وفي نهاية كلمته أشارت إلى أن شخصً مجهول الهوية دخل وبشكل مفاجئ يظهر انه ( اقتحم المكان بدون استئذان والحضور نيام )

في نهاية اللقاء طلب قائد المجموعة الألماني أن يتم أخذ صورة جماعية وجاء هذا الشخص الغريب ووقف بجانب القس جوني وأخذ معه صورة سيلفي ثم غادر الجميع ولاحقًا ومن وسائل التواصل الاجتماعي عرفوا ( المساكين والجهلاء ) أن هذا الشخص هو المتطرف الصهيوني يهودا غليك وقد أكدت المؤسسة على عدم علمها المسبق بحضوره

حيث لم يكن غليك جزءا من برنامج الاجتماع وانه استغل إعلاميا دخوله خلسة إلى المكان لأهدافه المشبوهة والتي ترفضها المؤسسة بشكل مطلق ( يا حرام الملعون خدعهم ) أي تخبيص هذا واي استغفال لعقول البشر وواقع الحال واضح ويشي انهم على علاقة مسبقة وحميمية وصداقة وود ولقاءات مرتبة ومواعيد منسقة ومقابلات مدققة ومشاريع محققة ومعاملات ومخططات مدروسة ومبادرات للتطبيع والزيارات كشفت كل الفضائح والسقطات ( تعددت الاسباب والخيانة واحدة )

هل يعقل ان المتطرف ورمز الإجرام الصهيوني بحق الأقصى دخل بيت لحم وزار مؤسسة بيت اللقاء وتصور سلفي مع شخصية اعتبارية فيها وغادر بدون ما أحد يوقفه ولا يسأله او حتى يعرفه والأمن والمحافظ كمان ما بدروا باللقاء ولا بالحضور اين الموافقات والتدقيق الأمني ( ان قالوا لك عنزة وتطير قل ان الله على كل شيء قدير ) يا ناس ارحموا وعينا والله ان ايهود غليك معروف للشعب الفلسطيني اكثر من 3/4 وزراء حكومتهم معقول في حدا بتصور معه ومش عارفه واذا ما عرفه فتلك مصيبة أكبر لأنه مش عارف مين عدوه

هذا اللقاء المشين يشكل سابقة تطبيعية خطيرة بل انه تجاوز التطبيع الى لقاءات ودية مع أحد أهم رموز التهويد والاستيطان والإجرام بحق الشعب الفلسطيني وشرفاء ومناضلي الضفة الغربية اليوم يجب ان يقفوا أمام مسؤوليتهم الوطنية بالاستمرار في رفض التطبيع وعزل ادواته ووضع حد لهم مع توقع تدفق مبالغ طائلة من الحكومة الأمريكية من أجل المساهمة في دفع عجلة مشاريع التطبيع والاستثمارات المشتركة وتعزيز فكر السلام الاقتصادي والاستغلال السيئ للظروف المعيشية والواقع الصعب الذي يعانيه الفلسطينيون بتصاعد معدلات التضخم والبطالة في ظل الإجراءات التعسفية للاحتلال

أيها الوطنيون الاحرار ان محاربة التطبيع وإن كانت مهمة في كل وقت فهي الآن أكثر أهمية لأنها أصبحت أهم أداة خطرة بيد المنبطحين للتفريط بالقضية الفلسطينية خاصة في الوقت الذي تفشل فيه استراتيجيات ومخططات الاحتلال بالتنسيق مع أنظمة عربية متورطة في التطبيع بأخذ التطبيع لمستوى شعبي اوسع أصبح البعض الفلسطيني للأسف الشديد يوفر البيئة ويصنع الغطاء ويبني جسرا للتطبيع مع العدو الصهيوني الظالم ولهذا لا بد من تنظيم حراك وطني واسع يضغط لإنهاء أي تطبيع شعبي وتفكيك لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التي تعتبر الغطاء الرسمي للتطبيع بأشكاله المختلفة

بيت اللقاء مؤسسة مسيحية غير ربحية تأسست عام ١٩٩٦ وتم تسجيلها كجمعية خيرية في عام 2002 بمدينة بيت جالا التابعة لمحافظة بيت لحم الاقرب للقدس جغرافياmahdimubarak@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.