تنافر الأقطاب وفُرَص النهوض.


د. كمال الزغول

=

إن المؤشرات تقول أن الصراع الدولي سيطغى على المحلي والإقليمي ،وإن الفرصة متاحة لدى دول المنطقة لتشكيل دولهم وتوجهاتهم من جديد، ففي ظل طغيان السياسة على الاقتصاد، وتمنّع دول إقليمية في مقاومة الأقوى في العالم بدأنا نشهد بتغيير مسار المنتج ،وتغيير مسارات سلاسل التوريد ومسافات الشحن ، وبدأت الجغرافيا ومزاياها تفرض نفسها على الصراعات الجيوسياسية، فدول أوبك لن ترضخ جميعها لتوجه من خارج الفريق وستقول كلمتها ، والتوازنات في العلاقات الدولية بدأت بالظهور ، ظهرت من خلال صراع الحكومة الباكستانية مع التوجهات الخارجية لباكستان، ومع صعود المملكة العربية السعودية إلى منصة التوازن الاقتصادية، ومع مناداة الرئيس الإيراني بالإستقلالية العلمية والبحثية والاقتصادية ، ومع انزياح الهند في سياستها عن التوجهات الغربية وعدم رغبتها في خلق أعداء في مناطق الصراع الجيوسياسية القريبة منها ،ناهيك عن المراقبة الصينية لكل هذه التوجهات بطريقة هادئة.
إن تراجع إسرائيل كقوة إقليمية صاخبة وبحثها عن الأمن في الزوايا القاتمة في ظل تصميم الشعب الفلسطيني اليوم على أن يُعيد رسم حدود صراعه مع سلطات الاحتلال وليس مع غيره هو منبه قوي نحو التغيير من خلال التنافر الدولي ،والأهم أن من يُقاوم لا ينتمي الى أي توجه سياسي في المنطقة وإنما إلى توجه شعبي بحت يطالب بحقوقه ،وهذا التوجه لا تضبطه بوصلة السياسة التائهة سواء كان من داخل فلسطين أم من خارجها.
بصراحة ، العالم مقبل على تنافس نِدِّي بين الأقوياء ،والفجوة والفراغ السياسي “القطبي” باتت ملامحهما تلوح في الأفق في المناطق الإقليمية خاصة في المجال الاقتصادي في ظل وفرة مصادر الطاقة التقليدية وانحباس ترويجها بين الشرق والغرب، وتفلُّت الدول لإمتلاك أسلحة نووية وبيولوجية، هذه الفجوة السياسية القطبية لا يستفيد منها ا

لصامتون ولا يغتنمها إلّا الأذكياء، وهذا كله ألا يُنبئ دول المنطقة بما لم تُحِط به خبراً لوضع حجر الأساس واغتنام الفرصة للنهوض!!

الدكتور كمال الزغول
باحث ومحلل سياسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.