حديثُ الملك، وثنائيّةُ الإرادةِ والإدارة..! والنموذجُ البرازيليّ..

د. مفضي المومني
كتبتُ هذا المقال بعد لقاءِ الملك مع طلبةِ جامعةِ اليرموك في ديسمبر 2019، مُركِّزًا على جزئيّةٍ ممّا قاله الملك؛ بأنَّ «مشاريعَ ومبادراتِ الطلبة ستواجهُ بالضريبةِ والجمارك كمعطِّلٍ للعملِ والاستثمار»، وهذا صحيح وواقعٌ أنتج شللًا وإغلاقَ آلافِ الاستثماراتِ ورحيلَها تحت أعينِ الحكومات، وتسبّب بعجزٍ اقتصاديّ وبطالةٍ متزايدةٍ لم ينفع تجاهها كلُّ جهودِ وزارةِ العملِ والحكومات، فالقضيّة وحدةٌ متكاملةٌ لعناصرِ دورةِ الاقتصاد، وما الحُزَمُ التي أطلقتها الحكومةُ في حينه، إلّا كذرِّ الرمادِ في العيون، فوضعُنا بحاجةٍ لخطةِ عملٍ ثوريّةٍ لا تحتمل كلَّ هذه النعومةِ والبهرجةِ لتجميلِ الحُزَم…! نحن بحاجةٍ لإدارةٍ وإرادةٍ فقط، وأراني مضطرًّا لتكرارِ ما كتبته منذ سنواتٍ لعلَّ وعسى!. أن نفهم درسَ التطوّر… وتغييرَ النهج… وتحديثَ التحديثِ المُدجَّجِ بالنفخِ الإعلاميّ… والواقعُ «مكانَك سر»، لا بل خطواتٌ ثابتةٌ للوراء..!.
قبل أيّامٍ كنتُ أشتري بعضَ الحاجيّاتِ البيتيّةِ من أحدِ المحلّاتِ الصغيرةِ في إربد، ودار حديثٌ بيني وبين البائع، وبدأ يشكو بحرارةٍ أنّ السوقَ «ميت» ولا بيعَ ولا شراء…. يقول: كنتُ أبيع بألفِ دينارٍ وأكثر…. هذه الأيّام لا تصلُ مبيعاتي إلى 30 دينارًا…. قال: أنا أعملُ أجيرًا في هذا المحلّ، ولدي عائلةٌ وأبناءٌ يدرسون، ومتطلّبات، ومهدَّدٌ بإغلاقِ المحلّ وفقدانِ عملي، وكنتُ أُخفِّفُ عليه بطريقتِنا… (بتهون وربّك بيرزق إلى آخره…)، إلّا أنّه فاجأني بقوله: والله إنّني أفكّرُ جدّيًّا بالانتحار! فبادرتُه: يا رجل وحِّدِ الله. قال: أنا مؤمن، ولكنّي إنسان، ووصلتِ الضغوطُ عليَّ حدًّا لا أطيقُه، وأقترضُ لأُسدِّد متطلّباتِ أبنائي وطعامِهم، ونعيشُ حالةَ تقشّف، ولكنّي مهدَّدٌ بالسجن… ماذا أعمل؟ وفي السياق، وكمثال… نسبةٌ كبيرةٌ من المحلّاتِ التجاريّةِ في إربد أُغلِقت، والوضعُ التجاريّ في أسوأِ حالاته، وهذه تصريحاتُ رئيسِ غرفةِ التجارة..!.
أسوقُ هذه المقدّمةَ لأوضّحَ الوضعَ الحاليّ للناس، وهناك أمثلةٌ أسوأُ لمواطنين لا يعملون، ويعيشون على الكفافِ والجوعِ والعوز…. ما العمل؟ منذ سنوات، لا بل منذ نشأةِ المملكة، وبلدُنا يعاني من الفقر وتدنّي المستوى الاقتصاديّ والاجتماعيّ، ولم تستطع الحكوماتُ المتعاقبةُ فعلَ شيء، بل إنّ الحال من سيّئٍ إلى أسوأ… وبلدُنا مُدجَّجٌ بالخبراءِ والاقتصاديّين، إلّا أنّ الدولةَ الأردنيّةَ وخبراءَها لا يعرفون إلّا سياسةَ زيادةِ الضرائبِ والجبايةِ والتضييقِ على المواطنِ وصاحبِ العملِ والمستثمر، فاستسهالُ الحصولِ على الأموالِ لماليّةِ الدولةِ بهذه الطريقة أحدث شللًا اقتصاديًّا، وهبط بالسيولةِ النقديّةِ لدى الناس، وأضعفَ القوّةَ الشرائيّة، وبدل أن نستقطبَ المستثمرين تمّ إفلاسُهم أو تهجيرُهم..! إلى تركيا ومصر، وإلى سوريا.. وغيرها، وتمّ إغلاقُ آلافِ المصانعِ والشركاتِ والمحلّاتِ التجاريّة، إلّا أنّ صاحبَ القرارِ يُغمِضُ عينيه ويدفنُ رأسَه في رمالِ صحراءِ التيهِ..!.
معروفٌ عالميًّا أنّ زيادةَ الضرائبِ والجبايةِ قتلٌ للاقتصاد… وأنا لستُ خبيرًا في هذا المجال، ولكن يتاحُ لنا أن نقرأَ ما يكتبه الخبراء، وقصصَ النجاحِ لدولٍ كانت اقتصاداتُها تصلُ حدَّ الإفلاس، لكنّها اتّبعت سياساتٍ اقتصاديّةً صحيحةً فنهضت، والأمثلةُ كثيرة، وقد سقنا المثالَ التركيَّ سابقًا، وأسوقُ اليوم النموذجَ البرازيليّ، لعلَّ وعسى أن يُيسّرَ اللهُ لبلدِنا حكومات تقوده إلى الطريقِ الصحيح، وألّا نبقى نعيشُ حالةَ العجزِ والركودِ الاقتصاديّ والفقرِ والتراجعِ الذي لا مثيلَ له هذه الأيّام.
هذا جانب، والجانبُ الآخر دعونا نعترفُ بالفسادِ الذي دمّرَ كلَّ شيء، والفسادُ هو ماليٌّ وإداريّ، (وأقرَّ به الملك وطلب كسرَ ظهره…!)، وألّا نبقى نتسلّى بقصصِ الفسادِ والإشاعاتِ التي تُرافقُها، يجب أن نصلَ حدَّ الفعلِ والمحاسبة، وأستغربُ هذه الأيام ونحن نسمع تجاذباتِ التعدين بين وزيرِ الطاقة وبعضِ النوّاب… وغيرها الكثير من دعاوى الفشلِ والفساد…! ففي مونديالِ قطر تمّ صرفُ 220 مليارًا لخدمةِ وإنجاحِ المونديال، وكلُّها عطاءات… ولم نسمع بقضيّةِ فسادٍ واحدة… ونجحوا وأبهروا العالم… والقضيّةُ الوحيدةُ كانت من عندنا… وتعرفون قضيّةَ المتقاعدينَ العسكريّين..!.
بوجودِ الفسادِ والفاسدين لن يتمَّ بناءُ الأوطان، وسنبقى نراوحُ مكانَنا. أمّا المثالُ البرازيليّ، والذي قرأتُ عنه هذا الصباح ما كتبه أحدُهم، فهو نموذجٌ قد يصلحُ لنا إذا تبناه رئيسُ حكومةٍ صاحبُ ولاية، يدعمه الملكُ والشعب، وأقتبس:
فى الثمانينيات من القرن الماضي دخلت البرازيل في أزمة اقتصادية طاحنة … فذهبت للاقتراض من صندوق النقد الدولى معتقده انه الحل لأزمتها الاقتصادية .. وطبعا طبقت حزمة الشروط المجحفة مما ادى الى تسريح ملايين العمال وخفض أجور باقي العاملين والغاء الدعم وانهار الاقتصاد البرازيلي، ووصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد تسببت في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية…
ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط … تفاقمت الأزمة اكثر واكثر وأصبح 1% فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي .. وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار، معتقدين انه الطريق للخروج من الأزمة… فتدهورت الامور اكثر واصبحت البرازيل الدولة الاكثر فسادا وطردا للمهاجرين والاكبر فى معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون فى العالم (الدين العام تضاعف 9 مرات فى 12 سنة) حتى هدد صندوق النقد باعلان افلاس البرازيل لو لم تسدد فوائد القروض ورفض اقراضها اى مبلغ فى نهاية 2002 … وانهارت العملة (الدولار وصل الى 11 الف كروزيرو).. دولة كانت تحتضر بمعنى الكلمة.
حتى جاء عام 2003 … وانتخب البرازيليين رئيسهم (لولا دا سيلفا).. ولد فقير وعانى بنفسه من الجوع وظلم الاعتقال (كان يعمل ماسح احذية) … أول ما تقلد الحكم الكل خاف منه.. رجال الأعمال قالوا هذا سوف ياخد اموالنا ويأممنا، والفقراء قالوا هذا سوف يسرق كي يعوض الحرمان .. لكنه لم يفعل ذلك … وانما؟؟
قال كلمته الشهيرة “التقشف ليس ان افقر الجميع بل هو إن الدولة تستغنى عن كتير من الرفاهيات لدعم الفقراء) ..وقال كلمته الشهيرة ايضا (لم ينجح ابدا صندوق النقد الدولي الا فى تدمير البلدان) … واعتمد على اهل بلده .. وضع بند في الموازنة العامة للدولة اسمه (الإعانات الاجتماعية المباشرة) وقيمته 0.5% من الناتج القومي للدولة.. يصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة.. يعنى بدل الدعم العينى بدعم نقدي .. وهذا الدعم كان يدفع ل 11 مليون أسرة تشمل 64 مليون برازيلى… هذا الدعم كان 735 دولارًا (حوالى 13 الف جنية لكل اسرة شهريا) طبعا السؤال من اين والبرازيل مفلسه ؟!!
لانه رفع الضرائب على الكل (ما عدا المدعومين ببرنامج الإعانات).. يعنى رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب … والسؤال هل وافق رجال الأعمال على ذلك ببساطة ؟! تخيل انهم كانوا سعداء لأنه منحهم تسهيلات كبيرة في الاستثمار وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم ومنح الاراضي مجانا وتسهيل التراخيص واعطاء قروض بفوائد صغيرة لمساعدتهم فى فتح اسواق جديدة (بالاضافة الى ان الفقراء دخلهم سوف يرتفع وتزيد عملية شراء منتجات رجال الاعمال فتضاعف حجم مبيعاتهم).. بذلك لم يشعروا انها جباية … بل يدفعوا ضرائب مقابل تسهيلات اصبحوا يكسبوا اكتر منها ..
بعد 3 سنين فقط عاد 2 مليون مهاجر برازيلي وجاء معهم 1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل … فى 4 سنوات سدد كل مديونية صندوق النقد … بل ان الصندوق اقترض من البرازيل 14 مليار دولار اثناء الازمة العالمية فى 2008 بعد 5 سنين فقط من حكم لولا دا سيلفا .. (هو نفس الصندوق الذي كان يريد أن يشهر افلاس البرازيل فى 2002 ورفض اقراضها لتسدد فوائد القروض)
بفضل تركيز دا سيلفا على 4 امور .. الصناعة … التعدين .. والزراعة وطبعا التعليم … البرازيل وصلت لسادس أغنى دولة في العالم فى اخر عام لحكمه … واصبحت تصنع الطائرات (اسطول طائرات الامبريار برازيلية الصنع) …
بعد انتهاء ولايتين من حكم لولا فى 2011 … وبعد كل هذة الانجازات الحقيقية … طلب منه الشعب ان يستمر ويعدلوا الدستور… رفض بشده وقال كلمته الشهيرة “البرازيل ستنجنب مليون لولا.. ولكنها تملك دستورا واحدا ” وترك الحكم …
للعلم البرازيل دشنت اول غواصة نووية منذ فترة… (فقط 5 دول فى العالم تصنع غواصات نووية امريكا – روسيا – الصين – بريطانيا – فرنسا) … اول غواصة كانت بالتعاون مع فرنسا .. ولكنها ستدشن الغواصة الثانية فى 2020 والثالثة فى 2022 بصناعة برازيلية خالصة …
النهوض من التخلف ليس مستحيلا .. انها إرادة وإدارة … وفى سنوات معدوده فقط، والطريقة معروفة ومحددة، الصناعة، والزراعة، والاهتمام بالفئات الفقيرة، والتعليم، وتجفيف الفساد… لاشئ اخر …
وهذا ما عملته المانيا واليابان فى الستينات
هذا ما عملته دول شرق اسيا فى الثمانينات مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية،
وهذا ما عملته الهند فى التسعينات
هذا ما عملته تركيا والبرازيل فى 2003
وهذا ما تعمله اثيوبيا ورواندا منذ 2015.
إذًا هي ثنائيّةُ الإرادةِ والإدارة… كفيلتان بصنعِ المستحيل، والتغيير، والنجاح، ونقلِ الأردن الذي يمتلكُ مواردَ بشريّةً متعلّمةً ومدرَّبةً هائلة، تحتاج فقط للتفعيل وتغييرِ النهج.
فهل نتعلّم… أم نبقى نجترُّ وصفاتِ الفشل… ومبادراتِ التحديث، ونحرقُ المراحلَ نحو مزيدٍ من الفشل…!.
لسنا بصددِ التباكي على ما قد فات، ولا جلدِ الذات، ولا القضاءِ على ما تمّ إنجازه، ولا تبادلِ الاتّهامات، الأمورُ بحاجةٍ لفعل، وهذا المثالُ البرازيليّ وغيره يمكن تمثُّلُه، وكفيلٌ بوضعِنا على المسارِ الصحيح. ندعو الله أن نحقّقَ لبلدِنا التطوّرَ والنماءَ والنجاح، وألّا نبقى ندورُ في حلقةٍ مفرغةٍ أهلكتِ البلادَ والعباد، واستهلكتِ الأيّامَ الجميلةَ التي لم تأتِ بعد، ونكستِ النهضةَ بحكومةِ الجبايات ما غيرِها… وقعرِ الزجاجة… وقنّينةِ النفط… بلدُنا بحاجةٍ لفعلٍ جادّ… بغيرِ ذاتِ الأيدي الحكوميّةِ التي أشقتنا ولم تُفرِحنا بعد…!.
حمى اللهُ الأردن.والديون فى العالم (الدين العام تضاعف 9 مرات فى 12 سنة) حتى هدد صندوق النقد باعلان افلاس البرازيل لو لم تسدد فوائد القروض ورفض اقراضها اى مبلغ فى نهاية 2002 … وانهارت العملة (الدولار وصل الى 11 الف كروزيرو).. دولة كانت تحتضر بمعنى الكلمة.
حتى جاء عام 2003 … وانتخب البرازيليين رئيسهم (لولا دا سيلفا).. ولد فقير وعانى بنفسه من الجوع وظلم الاعتقال (كان يعمل ماسح احذية) … أول ما تقلد الحكم الكل خاف منه.. رجال الأعمال قالوا هذا سوف ياخد اموالنا ويأممنا، والفقراء قالوا هذا سوف يسرق كي يعوض الحرمان .. لكنه لم يفعل ذلك … وانما؟؟
قال كلمته الشهيرة “التقشف ليس ان افقر الجميع بل هو إن الدولة تستغنى عن كتير من الرفاهيات لدعم الفقراء) ..وقال كلمته الشهيرة ايضا (لم ينجح ابدا صندوق النقد الدولي الا فى تدمير البلدان) … واعتمد على اهل بلده .. وضع بند في الموازنة العامة للدولة اسمه (الإعانات الاجتماعية المباشرة) وقيمته 0.5% من الناتج القومي للدولة.. يصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة.. يعنى بدل الدعم العينى بدعم نقدي .. وهذا الدعم كان يدفع ل 11 مليون أسرة تشمل 64 مليون برازيلى… هذا الدعم كان 735 دولارًا (حوالى 13 الف جنية لكل اسرة شهريا) طبعا السؤال من اين والبرازيل مفلسه ؟!!
لانه رفع الضرائب على الكل (ما عدا المدعومين ببرنامج الإعانات).. يعنى رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب … والسؤال هل وافق رجال الأعمال على ذلك ببساطة ؟! تخيل انهم كانوا سعداء لأنه منحهم تسهيلات كبيرة في الاستثمار وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم ومنح الاراضي مجانا وتسهيل التراخيص واعطاء قروض بفوائد صغيرة لمساعدتهم فى فتح اسواق جديدة (بالاضافة الى ان الفقراء دخلهم سوف يرتفع وتزيد عملية شراء منتجات رجال الاعمال فتضاعف حجم مبيعاتهم).. بذلك لم يشعروا انها جباية … بل يدفعوا ضرائب مقابل تسهيلات اصبحوا يكسبوا اكتر منها ..
بعد 3 سنين فقط عاد 2 مليون مهاجر برازيلي وجاء معهم 1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل … فى 4 سنوات سدد كل مديونية صندوق النقد … بل ان الصندوق اقترض من البرازيل 14 مليار دولار اثناء الازمة العالمية فى 2008 بعد 5 سنين فقط من حكم لولا دا سيلفا .. (هو نفس الصندوق الذي كان يريد أن يشهر افلاس البرازيل فى 2002 ورفض اقراضها لتسدد فوائد القروض)
بفضل تركيز دا سيلفا على 4 امور .. الصناعة … التعدين .. والزراعة وطبعا التعليم … البرازيل وصلت لسادس أغنى دولة في العالم فى اخر عام لحكمه … واصبحت تصنع الطائرات (اسطول طائرات الامبريار برازيلية الصنع) …
بعد انتهاء ولايتين من حكم لولا فى 2011 … وبعد كل هذة الانجازات الحقيقية … طلب منه الشعب ان يستمر ويعدلوا الدستور… رفض بشده وقال كلمته الشهيرة “البرازيل ستنجنب مليون لولا.. ولكنها تملك دستورا واحدا ” وترك الحكم …
للعلم البرازيل دشنت اول غواصة نووية منذ فترة… (فقط 5 دول فى العالم تصنع غواصات نووية امريكا – روسيا – الصين – بريطانيا – فرنسا) … اول غواصة كانت بالتعاون مع فرنسا .. ولكنها ستدشن الغواصة الثانية فى 2020 والثالثة فى 2022 بصناعة برازيلية خالصة …
النهوض من التخلف ليس مستحيلا .. انها إرادة وإدارة … وفى سنوات معدوده فقط، والطريقة معروفة ومحددة، الصناعة، والزراعة، والاهتمام بالفئات الفقيرة، والتعليم، وتجفيف الفساد… لاشئ اخر …
وهذا ما عملته المانيا واليابان فى الستينات
هذا ما عملته دول شرق اسيا فى الثمانينات مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية،
وهذا ما عملته الهند فى التسعينات
هذا ما عملته تركيا والبرازيل فى 2003
وهذا ما تعمله اثيوبيا ورواندا منذ 2015.
إذًا هي ثنائيّةُ الإرادةِ والإدارة… كفيلتان بصنعِ المستحيل، والتغيير، والنجاح، ونقلِ الأردن الذي يمتلكُ مواردَ بشريّةً متعلّمةً ومدرَّبةً هائلة، تحتاج فقط للتفعيل وتغييرِ النهج.
فهل نتعلّم… أم نبقى نجترُّ وصفاتِ الفشل… ومبادراتِ التحديث، ونحرقُ المراحلَ نحو مزيدٍ من الفشل…!.
لسنا بصددِ التباكي على ما قد فات، ولا جلدِ الذات، ولا القضاءِ على ما تمّ إنجازه، ولا تبادلِ الاتّهامات، الأمورُ بحاجةٍ لفعل، وهذا المثالُ البرازيليّ وغيره يمكن تمثُّلُه، وكفيلٌ بوضعِنا على المسارِ الصحيح. ندعو الله أن نحقّقَ لبلدِنا التطوّرَ والنماءَ والنجاح، وألّا نبقى ندورُ في حلقةٍ مفرغةٍ أهلكتِ البلادَ والعباد، واستهلكتِ الأيّامَ الجميلةَ التي لم تأتِ بعد، ونكستِ النهضةَ بحكومةِ الجبايات ما غيرِها… وقعرِ الزجاجة… وقنّينةِ النفط… بلدُنا بحاجةٍ لفعلٍ جادّ… بغيرِ ذاتِ الأيدي الحكوميّةِ التي أشقتنا ولم تُفرِحنا بعد…!.
حمى اللهُ الأردن.

