حياة أشبه بالفراغ


نسيم العنيزات

لقد اخذ الفقر موقعه وتربع في جميع مفاصل حياتنا وزوايا بيوتنا الخالية، الا من الحاجة والعوز.

ووصل الحال ببعضنا الى مد يده وسؤال الناس بأساليب لم نشهدها من قبل، ولم نعتد عليها، جراء ما وصلت اليه الامور من فقر مدقع، عجز معه الكثيرون من تأمين رغيف خبز، او ما يسد به رمق أسرته واطفاله.

حالات عديدة ومشاهد كثيرة نلاحظها كل يوم في الشارع، او أماكن العمل والمطاعم من أشخاص قد غطى الشيب رؤوس بعضهم وهم يستجدون على استحياء، لعلهم يجدون من يسعف لهفتهم، ويجبر بخاطرهم، ليعودوا الى بيوتهم بكيس من الخبز او حبات من الخيار والبندورة، والعرق يتصبب من وجوههم يلعنون اليوم والحال .

نعم هذا قمة طموحهم، وهذا الذي دفع بهم الى السؤال، بعد ان نسوا المرض وعجزوا عن مقاومته بعد ان تمكن من اجسامهم الضعيفة، التي أرهقها الجوع والفقر، لعدم توفر الدواء والعلاج الذي أصبح خارج أولوياتهم بعد ان قذفت به قواميسهم الى المجهول وأصبح طي النسيان.

كم حالة نسمع عنها، وكم طالب لم يتمكن من الإلتحاق بمدرسته او مجاراة زملائه، ففضل العزلة والابتعاد عن المشهد، حاملا همه وكاظما غيظه لوحده، محتسبا أمره عند الله وحده، بعد ان تشابه الاغلبية وتقاسموا طبق الفقر والحاجة.

وأصبح الكل ينأى بنفسه حتى لا يتعرض للحرج، لعجزه عن مساعدة نفسه، فكيف يمد يد العون لغيره بعد ان بترت بسكين بارد .فأصابها العطب وجعلها عاجزة لا تقوى على المساعدة ومدها لعون الغير .

قصص لو لم نعش معها ونلمسها، ما كنا صدقنا بها، لغرابتها ومدى قهرها، وعظم وقعها على أسر تعيش تحت مطرقة من صعوبة العيش وقلة الحيلة .

أوضاع شلت العقل، وأضعفت قدرته على التفكير لتدفعه نحو سلوكيات يرفضها كل ذي بصيرة، كما يرفضها الدين وجميع الشرائع السماوية.

وهنا نسأل، الى اين نسير ومتى نصل الى محطتنا الاخيرة ؟ قبل ان تهدر قيمنا وتذبح كرامتنا على مذبح العوز والحرمان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.