دور العشائر في دعم الفساد


عمر سامي الساكت

=

 بقلم / عمر سامي الساكت 

العشيرة هي الإمتداد العرقي العميق للعائلة ولها عاداتها وتقاليدها وأعرافها المميزة والصارمة كما لأبناء العشيرة حقوق وعليهم واجبات وقد لعبت العشيرة دور الحكم المحلي فكان للقبائل جيش وقضاء يشبه بل يحل مكان الدولة. 

وقد كان لشيوخ القبائل والعشائر دوراً رئيسياً في تحقيق الإستقرار والتكافل الإجتماعي والعدل والآمان وفض النزاعات وإحقاق الحقوق، وذلك كون شيوخها بعيدين عن البحث عن وجاهة أو مكاسب مادية بل يسعون جاهدين لرفعة العشيرة وحفاظاً على سمعتها وصيته بين شيوخ القبائل وبين كافة أبناء العشائر، فقد كان شيوخ العشائر يسعون لدعم كل محتاج من أبناء العشيرة ولإصلاح ذات البين وفض الخلافات والفصل العشائري وإغاثة الملهوف وحماية الدخيل وقد كانوا يتكلفون من مالهم الخاص من أجل ذلك. 

وقد لعب شيوخ القبائل دوراً مهماً في تأسيس الدولة الأردنية وإرساء الحكم إلا أنهم سرعان ما تهمشوا وأقصوا عن مطبخ صنع القرار السياسي وحجموا إلى ما يشبه مؤسسات مجتمع مدني مسلوبي السلطة التي كانوا يتمتعون بها وتدرج ذلك إلى إدماجهم في السياسة بمناصب شكلية لا تتعدى إستشارية ومنهم من لم يقبل ذلك ودفع الثمن غالياً. 

وتدرج الحال إلى إنحسار دورهم في جاهات وعطوات شكلية لا تتعدى كرامة شرب فنجان قهوة والأبلى والأمر أن الشيخة أصبحت بقرار وكتاب رسمي من الجهات الرسمية ليكون (ولا أعمم) بصيم لا أكثر يتلقى معونات من سكرتير الحاكم الإداري ودعوات على موائد المسؤولين لإلتقاط صور يعلقها في ديوانه أمام ربعه ومعارفه. 

أعتقد بأنه علينا أن نعترف بأن العشيرة اليوم بشيوخها المصطنعين، تلعب دوراً كبيراً في رعاية الفساد والوضع الذي نعيشه اليوم، ففي أي مرة صدر بيان سياسي لديوان عشيرة أو حتى إجتماعي أو قاموا بالتبرء من فاسد أو طلبوا التحقيق معه!  بل أصبحت العشيرة ملجأ لكل فاسد ومنافق ويجلس في صدر ديوان العشيرة ويتهافت أبنائها على الحديث معه، فأي إنحطاط وصلنا إليه، وإن كان هذا الكلام مبالغة أو غير دقيق فلنذكر مشتبه واحد في الفساد لا يتجمع حوله أبناء عشيرته على عزيمة منسف بل يتهافتون للتشرف بعزيمته وقد تصل بهم الحمية للخروج على القانون والتخريب للضغط على الدولة للتراجع عن محاكمة المشتبه به من العشيرة والأمثلة الشاهدة على ذلك كثيرة. 

وأي تجمع لديوان العشيرة ليصدر بياناً شكلياً للدفاع عن ابنها المعتقل سياسياً أو لرأيه يصبح حبراً على ورق وتدرك الجهات الرسمية أنه لا يتعدى زوبعة في فنجان وسينتهي المطاف بما تريده الجهات الرسمية. 

 

أعتقد بأننا مجتمع يرعى ويدعم ثقافة الفساد بشكل عام ولعبت العشيرة وشيوخها المصطنعين الدور الرئيسي لتردى الأوضاع التي نعيشها اليوم فمن يعين من أبناء عشيرتنا على حساب غيرها فهو محترم وخدوم ونرى غيره ظالم إذا فعل ذلك، أي منظق فاسد هذا!. 

علينا جميعاً أن نعيد ترتيب دواوين عشائرنا وانتخاب شيوخ عشائر كممثلين حقيقين أكفاء يسعون لمصلحة العشيرة والوطن لا للوجاهة ومصالح إنتخابية فهذا عمل يحتمه علينا ديينا وأخلاقنا وبالطبع هو برأينا البديل الواقعي للأحزاب السياسية والتي من المفترض بأنها ناجمة عن نضج العقل الجمعي بقيادة مثقي المجتمع والذي يجب أن نسعى لتحقيقه لاحقاً فالأرض الآن ليست خصبة لذلك وأي محاولة لتحقيقه مصيرها الفشل. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.