رفع الاسعار نهاية طريق الصبر والاحتمال


مهدي مبارك عبدالله

 

بقلم / مهدي مبارك عبد الله

بداية لابد ان نتساءل بمليء الوعي والعقل وبحسن النية والموضوعية ودون أي اساءة او تجريح الا تعلم حكومة بشر الخصاونة الرشيدة انها جاءت على انقاض اربع حكومات فارطة اذاقت الاردنيين السم الزعاف وحاربتهم في لقمة عيشهم وعرق يومهم وامتهنت كراماتهم وعزة نفوسهم بعدة قرارات متسرعة وظالمة وبجملة مطالبات جبائية قاهرة اسكنت الضنك والعذاب في قوبهم و نفوسهم لا زالت اثارها ندبا مؤلمة باقية حتى اللحظة فماذا بقي لكم بعد ونحن نعيش أسوأ كارثة انسانية على وجه الارض اهلكت الحرث والنسل واغلقت القطاعات والوظائف والاعمال ورفعت معدلات البطالة وعمقت نسب الفقر والحاجة والتسول ودمرت الكثير من البيوت المستورة بعدما قضت على مصادر رزقها وسبل كسبها فلا تعيدوا الناس قصرا بعد كل ذلك الى ( هبة رمضان ) التي اطاحت بحكومة هاني الملقي التي امتهنت الاستهتار بالناس وفرض الجباية وزيادة الضرائب وحتى لا يعيد التاريخ نفسه فقد مللننا منكم تكرار الوجوه والاسماء وجوائز الترضية التي تمنح لكل نسيب وقريب وصديق ولا يغركم زيف الهتاف والصراخ فكم مريض صاح من شدة الالم وان كان مبتسما مكابرا على وجعه وجرحه

ثم الا تعلم الحكومة الرشيدة بانه يعترض طريقاها في قادم الايام عشرات الالغام الثقيلة والقنابل الموقوتة وانها لا تحتاج في هذ التوقيت الى مزيد من الحفر والعثرات والمطبات والكوارث وان استمرارها في المراهنة على صبر وحلم الاردنيين وحبهم لقيادتهم ووطنهم وحرصهم الكبير على استقراره ومستقبله وصون انجازاته ومقدراته اصبح ( رهان خاسر ) والدليل على ذلك أن المواطن الشريف المرعوب على أمن وطنه قد صبر كثيراً الى أن استنفذتم جميع أدوات صبره التي اذخرها في اعماقه حبا وولاءا والتزاما وحرصا على المصلحة الوطنية العليا للوطن

الا تعلم الحكومة الرشيدة جيدا بان سياسات الحكومات الاقتصادية المتعاقبة اضرت بالمواطنين وسحقت الطبقتين الوسطى والفقيرة حيث اصبح لدينا اشخاص لا يملكون ثمن قطعة من الخبز واخرين لا تتوفر لهم مؤهلات العيش الكريم وهم يتسابقون لجمع العلب الفارغة ومخلفات الخردوات والكثيرون منهم يلتقون بقايا الطعام من داخل حاويات القمامة ارحموا العباد ولا ( تدفعوا بالناس الى الشارع مكرهين بالذل والمهانة بعدما تملكهم القهر والغضب رفضا لسياسة التجويع والتفقير التي مست جيوبهم وكرامة عيشهم بعدما ارهقتهم الاوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع نسب الفقر والبطالة فالمرحلة ( عسيرة والنفوس كسيرة والاعداء يتربصون بنا الدوائر في الداخل والخارج )

الا تعلم الحكومة الرشيدة بان المواجع في بلدنا أضحت عديدة وتتوالد والفواجع متكررة وتتزايد والمصائب متوالية وتتناسل في المال والنفس والابناء ومصادر الرزق وما بقي من رمق الكرامة فلا زال جرح مستشفى السلط وغيره ينزف بعزازة وانين ضحايا الا مبالاة والإهمال والاستهتار يسمع في كل ارجاء الوطن فهل نسيتم انه كان جزءا كبيرا من صمام امننا رغيف خبزنا ولقمة عيشنا البسيطة فلا تنزعوا ( الصاعق لتنفجر القنبلة في وجه الجميع ونحن نرى حال من حولنا والذي ينبغي ان يكون فيه عبرة لنا قبل ان نعتبر بأنفسنا ) لا قدر الله

الا تعلم حكومتنا الرشيدة ان الكثير من المصانع والمتاجر والمهن والحرف والاعمال وحتى البسطات والمعرشات اغلقت ابوابها في ظل حالة ركود النشاط التجاري جراء التحديات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد وحاجتهم الى السيولة المالية للوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم بعدما اصبح العديد من المواطنين المعدمين غير قادرين على دفع اجرة منازلهم وفواتير المياه والكهرباء المتراكمة واغلبهم لا يعملون أو سرحوا من اعمالهم بعدما استشراء الوباء وعودت سياسات الحظر المتقلبة وانه ليس لأكثرهم مصدر رزق الا من كيد يمينهم في كل صباح وهاهم اليوم يقفون متسولين على ابواب الاصدقاء والاشقاء وحتى الاعداء والديون والقروض والبنوك تلاحقهم وتهدد حياتهم بالحبس والضياع والدمار

الم تسمع حكومتنا الرشيدة عن أخبار شباب وشابات ورجال ونساء اردنيين يقتلون أنفسهم بوسائل بشعة تحت ضغط الذل والفقر والحاجة وكم من رجل فر من ذويه وأهله وبنيه ليسير هائما على وجهه في فراغ دنيوي وقد أصابته حالة من الجنون والدروشة بسبب ضيق ذات اليد والعجز عن الوفاء بالتزاماته الطبيعية تجاه من يعولهم وكم من أناس مساكين يتسللون في الليل ليبحثوا عن بقايا طعام يسد جوعهم أو قطعة ملابس تفيهم البرد في صناديق القمامة بعدما تجاوزت مآسيهم حدود قوت اليوم إلى الخوف من الفناء

بالله ماذا ابقيت يا حكومتنا الرشيدة للمواطن الفقير البائس الذي ينتظر بشغفٍ وترقب نهاية كل شهرٍ لينعم أياماً معدودة براتبٍ لا يكفيه وأسرته ولا ينفعه وأولاده ولا يكاد يلبي جزءاً من حاجاته ومتطلباته الاساسية في ظل تدني الرواتب والأجور وتفشي ظاهرة البطالة وندرة فرص العمل وارتفاع الأسعار الكبير وحالة الغلاء الفاحش التي طالت بشكل اولي ( الرز والزيت والسكر والحليب وبعض المواد التموينية ) بقفزات سعرية جشعة وجنونية مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك حيث ارتفعت أسعار هذه المواد بنسب كبيرة وصلت في مادة الزيت الى نحو 70 بالمئة بينما ارتفع السكر بنسبة 12 بالمئة والارز بنسبة وقد تراوحت ما بين 8 الى 10 بالمئة ناهيك عن انعكاسات ذلك على السلع التي تعتمد على هذه المواد مثل الحلويات والمعجنات وغيرها

لقد فرضت الاسعار على المواطنين بقوة الظالمين وبسبب جشع بعض التجار وضعف دور وزارة الصناعة والتجارة التي اكتفت مشكورة بخجل مفرط ( بإصدار بيان تبرر خلاله ارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية بسبب ارتفاع الاسعار من بلد المصنع وان عمليات الاستيراد تأثرت سلباً بشكل مباشر نتيجة لجائحة كورونا العالمية ) ولم تبادر بشجاعة وفقا لواجباتها وسلطاتها الى ( تحديد سقوف سعرية للمواد الغذائية الاساسية وتعزيز فرقها الرقابية على الاسواق بجولات ميدانية مكثفة ) كما العديد من طالب المواطنين وحتى جمعية ( حماية المستهلك ) الموقرة لم تتدخل في تحديد المعادلة السعرية لهذه المواد الضرورية والهامة

يأيها الفقراء القابضين على جمر الصبر والاحتمال ليس سرا ان تعلموا بان سياسة الاحتكار والتلاعب بالأسعار التي تدور عليكم تشغلها عصابات نفوذ وسلطة ومافيات تجارية منظمة من اصحاب النفوسٌ الشرهة والقلوبٌ المتحجرة والوحوش الاقتصادية الضاريةٌ التي تحركها منافع فردية ومكاسب شخصية ولا يهمها غير ذاتها وما تحققه من مكاسب وما تجمعه في أرصدتها وحساباتها البنكية التي تزداد وتتضاعف من جيوب الفقراء و قوت المعدمين ودماء وعرق الكادحين فهؤلاء فئة متوحشة لا ترحم فقيراً ولا تحنو على ضعيفا ولا تساعد محتاجا ولا تقف إلى جانب محرومٍ معدم أو عاطلٍ لا يعمل ولا يهمها من الإنسان إلا بقدر ما يدفع ( امنت العقاب فأساءت الادب )

للأسف الشديد لقد اصبحنا في اردن العزة والكرامة مع سوء الاحوال وعدم اهتمام الحكومات نترحم على ايام كنا نلعنها حيث اصبح الماضي جميلا والغد غامضا ومكروها والمشكلة الحقيقية ليست في الشعب لأنه تحمل ويتحمل ثم يقطف ثمار تعبه وجهده وصبره ( فئه فاسده ) استحلت المال العام وامعنت بالسرقة والنهب بعدما قتلها الجشع والطمع حيث تكسبت من كل برامج الاصلاح الوطني التي اعلن عنها والتي كانت شكليه وديكوريه ولم تمس جذور المعضلة لتحسين معيشة المواطن وتعزيز مبدأ المحاسبة والمسؤولية في كافة اشكال مؤسسات الدولة لان الحل الشافي والكلي يحتاج الى عمليات جراحيه تستأصل شافه الفساد السرطاني المستشري في جسم الدولة وبعض رجالاتها ثم تخرج فئران الفساد من جحورها وتقدمهم الى المحاكم وتعيد اموال الوطن المنهوبة من حساباتهم وتزج بهم في غياهب السجون لأنهم لم يتقوا الله في وطن لا يملك إلا رحمة رب العالمين وصدق وإخلاص بعض الشرفاء النظيفين

ونتابع هل تعلم الحكومة الرشيدة ان استمرار السياسات العقيمة والفاشلة اقتصاديا وعدم تدخلها لضبط ايقاع الاسعار ووقف وتيرة تصاعدها غير المبررة من شأنه ان يدفع المواطن الاردني الى الشارع محتجا ومتظاهرا وهذه الامر لا نريده ولا نرضاه كما نرجو من الحكومة وكسبيل مبدئي للمساهمة في حل هذه المشكلة مرحليا النظر بإمكانية الغاء الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات المفروضة على مستوردات المملكة من الزيوت النباتية للعمل على استقرار اسعارها خاصة مع قرب حلول شهر رمضان الفضيل والتي تشكل كلفا اضافية على السلعة وتنعكس على اسعارها على الاسواق المحلية وكذلك نرجوا ان يكون قطاع المواد الغذائية معفي من الرسوم والضرائب لتوفير مخزون استراتيجي من الغذاء وتمكين المواطنين من الحصول عليه بأسعار تناسب ظروفهم المعيشة المنهارة

المخرج الممكن من أزمة الأسعار المقبلة وشبح الغلاء الذي هو في طريقه إلينا من أوسع الأبواب مع اطلالة الشهر الفضيل بعدما طالت بوادره بعض المواد الغذائية يعتمد على مبدأ تحقيق هامش ربح قليل وبما لا يضر مصالح التجار ولا ينهك قدرات المواطنين المحدودة والمتهالكة وكما أشرنا فلا ضير من تدخل الحكومة من خلال قانون الطوارئ لطرح حلول توفيقية وتأمين معادلة مقبولة تتوخى ظروف المواطن المتردية بسبب أزمة كورونا المتفاقمة

يا سادة يا كرام هنالك ( قانون علمي ومنطقي للرفع ) مرتبط بالجاذبية الأرضية للعالم اسحاق نيوتن يقول ( كلما رفع جسم للأعلى زادت جاذبيته الى حد معين ) لكن المصيبة عندما يصل الى حد ( يفقد فيه جاذبيته بالمطلق ) نحن في الأردن وبصراحة وصلنا فعلا حد انعدام الجاذبية نتيجة للرفع والسلب والنهب والبيع والتجارة بالمواطن وقوته وحياته ومستقبله في كل الظروف والاحوال

اختم بالقول ربما صوتي وصوتك واصوات معظم المواطنين لاتصل الى اذان المسؤولين في ابراجهم العاجية وسياراتهم المضللة وعبر هواتفهم المغلقة وبهذا ينطبق علينا المثل الشعبي ( طبل عند أطرش ) لكن الواجب الوطني والشرعي والانساني يستدعي ان نأخذ بالأسباب وننبه الى الاخطاء وندافع عن المظلومين ونحارب الفساد والاحتكار والابتزاز وقد صدق الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه حين قال ( ما شبع غني إلا بما جاع به فقير )
mahdmublat@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.