«سنين عجاف»


نسيم العنيزات

وكأن الزمن توقف عند الأمس، على الرغم من سرعة دورانه، وعقارب الساعة لم تعد تقوى على الدوران، مخالفة قواعد الفيزياء، بأن اتجاه الوقت دائما إلى الأمام او إلى المستقبل.
عالم من الغرابة، مغلف بالخوف والرعب، غارق بالسكوت، عاجز عن الحركة.
نعم سنة عجاف اكلت الأخضر واليابس، فلا زرع يحصد، ولا حصيدة تدرس، ولا ثمر يقطف، ولا ارض تحرث، ينابيع جافة، وأرض جرداء دون حياة او حركة، دون عواطف او شعور، حياة بلا روح، بعد أن تحولت حياتنا إلى أرقام يصعب حسابها و معادلات لا نقوى على حلها او تفكيك رموزها، بعد أن غابت الروح، وضاقت الصدور من الفقر والقهر والعوز، نبحث عن خلاص بين أكوام من العجز والقهر، ننتظر الغد لنتفاجأ بأنه الأمس.
حياة توقفت عجلتها عن الدوران بعد أن اصاب العطب كل مقومات وتفاصيلها، محدثة بركانا بين متناقضين اثنين، امل مفقود، ومصير مجهول، لا طعم ولا رائحة لها. لا نعرف اننا أحياء الا عند الكلام او الحديث الذي يخرج من شفاهنا باحرف مخنوقة، الا انها تنبهنا بأننا نعيش بغير زماننا ولا وقتنا، وكأننا قدمنا من عالم وكوكب اخر، لغتنا غير لغتهم، وكلماتنا غير كلماتهم غرباء لا نفهم ماذا يدور حولنا، ولا نتقن الا البوح بالشكوى والتذمر، لا نقوى على شيء وسط توهان وذهول دون ادراك لما يجري ويدور حولنا.
لنساءل أنفسنا ماذا بعد؟ نبحث عن حالنا وعما في دواخلنا عبثا، فلا جواب لدينا، عاجزين عن الخطوة، لا نملك إلا السكون والبقاء في الوراء.
أنها سنة «كورونا « تعادل سنين وسنين من العجاف، اقتحمت حياتنا على غفلة منا، محكمة قبضتها وسيطرتها وسط حال اشبه « بالعقم « لا نقوى معها على شيء بعد أن غافلتنا لتفاقم معاناتنا وتعمق مصابنا بعد سنين عجاف، لا نملك معها إلا الصبر والصمت وانتظار مصير مجهول لم نعد نتحكم بقبضاته بعد أن سلبت منا.
فاعمارنا اصبحت مجرد أرقام نتجنب معرفتها والخوض بها حتى لا نصدم بحقيقة العمر والهرم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.