شذرات عجلونية (24)


د. علي منعم القضاة

بقلم /  الدكتور: علي منعم القضاة

 

ألا حيّها عجلون من بُرْدَةِ الهوى                   أسامرها بدراً؛ فترسمني شمســا

 

شذرات عجلونية (24)

القراء الأعزاء أسعد الله أوقاتكم بكل الخير، حيث كُنتُم، وحيث بِنتُم، أعود معكم من جديد بـ(شذراتي العجلونية)، نتذاكر في كل شذرة منها فكرة في شأن ذي شأن، ننطلق من عجلون العنب والذهب، عجلون الحب والعتب، لنطوف العالم بشذراتنا، راجياً أن تروق لكم.

أما آن للحكومة أن تكسب الثقة

لم يعرف العالم كله أي دولة تلاحم شعبها وحكومتها، وتناغم موقفهما وانسجم معاً، أثناء ظهور جائحة كورونا، نهايات عام (2019)، وبدايات عام (2020)، كما هو حال الشعب الأردني مع الحكومة الأردنية، وربما لم يعرف حتى تاريخ الأردن هذا الانسجام والتناغم الكبير بين الحكومة والشعب، ربما لأن الناس كانوا خائفين، متعاونين، واثقين!! وراغبين في الخلاص من الوباء بمنتهى الصدق.

اختلفت الصورة وتبدل الأمر؛ نجد في أيامنا جحوداً أحياناً، وشكوكاً أحايين كثيرة، بل وتشكيكاً فيما تقوم به الحكومة من إجراءات، لم يعد الناس مقتنعون، بإجراءات الحظر التي تجريه الحكومة، وتضيق به الخناق على القطاع الاقتصادي بشكل رئيس، أصبحت الأسواق مرهقة، والتجار في كثير منهم بالرمق الأخير، تمر بالأسواق التي كانت تعج بالناس، لترى محال فارغة، ويافطات للإيجار دون خلو، في منطقة كنت تحتاج فيها إلى خلو لتوقف سيارتك، لماذا تصر الحكومة على كسر كل أنواع الثقة بينها وبين الشعب؟، الفيروس موجود، ويتسبب في موت عزيز كل يوم، لكن إجراءات الحظر بهذه الكيفية غير مقنعة.

القناعة كنز لا يفنى

لا يستطيع أحد إقناع الشعب بأن الازدحام في المستشفيات بطريقة تبتعد عن كل إجراءات الوقاية، لا ينقل العدوى، وأن التزاحم في البنوك أمر عادي، وأن الاختناقات المرورية في ردهات المحاكم لا تعود بالضرر على أحد، وأن دخول المولات أثناء ساعات النهار، والوقوف بها طوابير أكثر من طابور سرفيس العبدلي أيام العز، لا يتسبب بانتقال الفيروس، لكن التسوق من محلات الملابس التي يشكو ملاكها إلى الله ضعف حالهم، وقلة حيلتهم، تغلق أبوابهم وقت استفتاحهم بالبيع مساء. كل المشاهد والمناظر السابقة لا يستطيع كورونا أن ينفذ من خلالها، ولكنه يستطيع أن يدخل المساجد التي لم تشهد منطقة ولا مؤسسة ولا دائرة، ولا مستشفى، التزاما كما تشهدها المساجد من تباعد جسدي، طواعية دون إكراه حرصاً من مصليها على عدم حرمانهم من مساجدهم، نعم لسنا أنبياء في المساجد ولا معصومين، ولكننا ملتزمون بكل إجراءات الوقاية بنسبة تزيد عن (95%)، ولا تجد النسبة المتبقية من المائة في المؤسسات التي ذكرت آنفاً من بين روادها قد لا يلتزمون فيها التزاماً دقيقاً، فهل أقنعتم الشعب؟، بأن القناعة كنز لا يفنى؛ كما فنيت كنوزنا دون فائدة للشعب منها.

إنما كورونا حلقة من سلسلة طويلة

يعدُ انتشار فيروس كورونا حلقة من مسلسل طويل لانتشار الأوبئة عبر التاريخ، فقد ظهرت فيروسات ثم اختفت، أو اضمحلت، ولم تعرف البشرية عنها كثيراً، فقد عاشت الحضارات سابقاً في معزل عن التفاعل فيما بينها، وكانت الأمراض والأوبئة تتفشى بينها، وتصيب كل قوم في معزل عن الآخرين، ولذلك ظهرت فيروسات ثم اختفت، أو اضمحلت، أو تلاشت في حينها، ولم تعرف البشرية عنها كثيراً.

لكن فيروس كورونا، أو مرض (COVID 19)، الذي ينتج عن الإصابة بالفيروس؛ وضِعَ في هالة كبيرةٍ ومخيفةٍ جداً، وأخذ حجماً كبيراً من الاهتمام العالمي، مع أنه ليس حدثاً عالمياً فريداً من نوعه، بل كان المقصود من تضخيمه؛ إرهاب الناس ونشر الذعر بينهم، وإعدادهم لمرحلة أخرى أشد خطورة، يبدو لي أن كثيراً من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قد تعاملت مع أزمة كورونا بالمبادئ التي اشتهر بها “جوبلز” وزير الإعلام الألماني في عهد هتلر.

———————-

الدكتور: علي منعم القضاة

أستاذ مشارك في الصحافة والنشر الإلكتروني

E-mail:dralialqudah2@gmail.com

Mob : +962 77 77 29 878

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.