صمود غزة ودروس للتاريخ


نسيم العنيزات

 

لم يكن أحد يتوقع هذا الصمود الغزاوي امام اعتى إبادة جماعية همجية وممنهجة لم يشهد التاريخ الحديث مثلها.
فبعد ما يقارب الثمانين يوما من حرب اشبه بالكونية تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤها الامريكان وبعض الدول الغربية، ما زالت حركة حماس صامدة ترد الصاع صاعين لجيش مدجج بالسلاح الحديث برا وجوا، ولديه جسر جوي مع شريكته في الحرب الولايات المتحدة الأمريكية اقوى دولة في العالم تمده بالسلاح يوميا لمحاربة شعب اعزل يعاني من حصار خانق بعد ان منع عنه الماء والدواء والغذاء حتى الهواء.   ولم تسلم مستشفياته ودور العبادة من التدمير بعد ان استشهد اكثر من عشرين ألف مواطن جلهم من الأطفال والنساء .
ومع كل ذلك لا نرى او نشاهد الا شعبا
صامدا محتسبا وكأن الله قد ربط على قلوبهم واعطاهم من الصبر ما فاق مصيبتهم. مع كل الدمار والحصار والجوع والعطش والقتل والتصفية الجسدية والاعتقالات التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي امام أعين ومرأى العالم الذي لا يرى غير الصبر والايمان والصمود من اهل غزة دون تذمر او تلاوم او تحميل مسؤلية لأي طرف.  انها دروس تستحق ان تدرس في أعرق الجامعات وان تتضمنها صفحات الكتب والمجلدات.   فاي صبر وأي ايمان وانت ترى هذا الصمود الاسطوري لشعب اعزل يعيش تحت حصار دون طعام ولا دواء.. لا تسمع او ترى منه غير الالتفاف حول حركة حماس والدعاء لها بالنصر والصمود.
اي قوة منحها الله لأهل غزة وانت ترى بعضهم يلملم أشلاء فلذات اكبادهم او احدا من افراد أسرهم ولا تسمع إلا الاحتساب والدعاء لهم بالاجر والمغفرة.
في الوقت والجميع يرى الخلافات والوعيد والاتهامات داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي بين مختلف القطاعات ببن الجيش وطبقة السياسيين بين الناس والحكومة حتى داخل مجلس الحرب نفسه.
فبعد ان دب الرعب في قلوبهم الذي عكس رغبتهم بالقتل والانتقام، أصبح التربص والوعيد واتهامات بالكذب والتزوير تملأ صحفهم و وسائل الاتصال والإعلام عندهم والكل ينتظر لحظة الحساب وتحميل المسؤولية التي يحاول كل طرف التملص منها والقاءها على الطرف الآخر…
انه فرق شاسع بين عقيدتين وايدولوجيتين الأولى محتلة تعيش على أرض ليست لها يسكنها الخوف والرعب لأنها سلبت أرضا ليست لها واحتلت شعبا يقاوم من اجل حريته وإعادة ارضه وإقامة دولته..
انها عقيدة شعب يؤمن بربه ويقاوم من اجل حق سلب منه ، مؤمنا بأن هذه الأرض لن تعود الا بالتضحيات والنضال.
يعلم تماما بأن النضال هو الطريق الوحيد للاستقرار بعد ان يرحل المحتل عن ارضه، شعب يملك من اليقين ما يحارب الدنيا بأسرها لأنه صاحب حق وقضية.  شعب على الرغم من كل الظروف وشدة الحصار وهول ما يتعرض له من قتل وبطش الا انه مؤمن بعدالة قضيته وحقه في تقرير مصيره بنفسه.
لذلك تجده صامدا قويا ملتفا حول مقاومته مؤمنا بكل أعمالها وما تقوم به المقاومة دون ان ينظر للثمن او يفشي لها سرا او معلومة..
نعم انهم أبناء غزة قلوبهم صناديق مغلقة لا يرون الا قضيتهم ولا ينتظرون الا النصر الذي يبدو أنه آت اجلا ام عاجلا هكذا وعدنا الله وهكذا تعلمنا من التاريخ بأن الحق هو الغالب وان المقاومة ستنتصر وان الاحتلال سيزول.
فصاحب الحق اقوى دائما اما المحتل فانه ضعيف دائما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.