عدد أيام الدراسة الفعلية لم تعد فعلية في قانون التربية


الدكتور رشيد عبّاس

=

بقلم / الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس

تعتمد وزارة التربية والتعليم عدد أيام الدراسة الفعلية في السنة الدراسية على ما ورد في المادة (40) من قانون التربية والتعليم رقم (3) لسنة 1994 وتعديلاته التي تنص على أن تتراوح أيام الدراسة الفعلية خلال السنة الدراسية ما بين (195- 200) يوم كحد أدنى للمدارس التي تعطل يومين في الأسبوع, وقد أقرت الوزارة أن يكون عدد أيام الدراسة الفعلية للعام الدراسي 2021 / 2022م (195) يوماً للفصلين الدراسيين.

وحين تفتح احد صفحات كتيب التقويم المدرسي الصادر عن وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي 2021 / 2022 م تجد أن هناك عبارة تؤكد ما جاء في قانون التربية والتعليم: عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصلين الأول والثاني (195) يوماً, وعند متابعة ذلك النص تجد أيضاً عبارة: عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصل الدراسي الأول (92) أيام, وعدد أيام الدراسة الفعلية في الفصل الدراسي الثاني (103) يوماً.

بحكم عملي في وزارة التربية والتعليم ولمدة ثلاثين عاماً ابتداءً من معلم وانتهاءً بمدير تربية وتعليم اعرف تماما الأسس العلمية التي تبني عليها عدد أيام الدراسة, وكيف توزع بين الفصلين, وأكثر من ذلك أعرف كيف توزع على كل شهر من أشهر العام الدراسي, فالعملية محسوبة بدقة متناهية وتتعلق بحجم المناهج المدرسية وعدد الدروس اللازمة لها والأنشطة المتعلقة بها, ولم تكن يوماً من الأيام عملية اعتباطيه أو خاضعة لمزاج ايٍ كان, والسؤال هنا ماذا تعني كلمة (الفعلية) في عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصلين الأول والثاني, والتي جاءت أيضا في تفصيل عدد أيام الدراسة في الفصل الدراسي الأول, وفي عدد أيام الدراسة في الفصل الدراسي الثاني.

إن كلمة (الفعلية) في عدد أيام الدراسة في الفصلين الأول والثاني (195) يوماً, تعني ذهاب الطالب إلى المدرسة وجلوسه في الغرفة الصفية لتلقي الدروس بواقع (195) يوماً على التمام والكمال في السنة الدراسية الواحدة, وبمعدل خمس حصص يومياً, حيثُ يتلقى خلالها التعليم مباشرة من قبل معلم يقف امامه ويتفاعل معه, وتعني أيضاُ إعطاء المعلم فرصة كافية لشرح فقرات المنهاج ضمن خطة محكمة والعمل على أجراء عمليات التقييم للطلبة بطريقة متوازنة دون سرعة أو إسراع.

هذه الايام وللأسف الشديد فقدت كلمة (الفعلية) معناها الحقيقي حتي باتت عدد أيام الدراسة في الفصلين الأول والثاني أقل بكثير من ما هو مخطط له, وكان لذلك الاثر البالغ على تشوه شرح فقرات المادة التعليمية ومتابعة الواجبات البيتية وحلها, وتشوه في عمليات التقييم الحقيقية للطلبة, الامر الذي قد دفع بعض المعلمين إلى إنهاء فقرات المادة التعليمية واجراء عمليات التقييم الحقيقي بطريقة لا تنسجم والخطط المرسومة لذلك, وقد يتساءل البعض عن أسباب نقصان عدد أيام الدراسة الفعلية وتشوهها في الفصلين الأول والثاني والتي كان مخطط لها مسبقاً.

اعتقد جازماً أن هناك جملة من الأسباب تلك التي أدّت إلى نقصان عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصلين الأول والثاني , فمنها ما هو طارئ على العملية التعليمية وذلك نتيجة لجائحة كورونا والتي استمرت لأكثر من عامين متتاليين حيث اتخذت الوزارة قرار التعلم الالكتروني والذي يقضي بالتعلم والدراسة عن بعد (أونلاين) عبر منصات دراسية أعدّت لمثل هذه الأغراض, ومنها ما يتعلق بثقافة الأهل والطلبة وذلك بعدم الذهاب إلى المدرسة نتيجة لقدوم منخفضات جوّية أو عطل رسمية, فقد تشكل لدى الطلبة والاهل ثقافة عدم الذهاب إلى المدرسة نتيجة للأمطار حتى لو كانت خفيفة, وكذلك تشكل لدى الطلبة والاهل ثقافة عدم الذهاب إلى المدرسة قبل العطلة بيوم أو ربما أكثر, وعدم الذهاب إلى المدرسة بعد العطلة بيوم أو ربما أكثر.

ناهيك عن ثقافة عدم ذهاب الطلبة إلى المدرسة في أيام تنفيذ الأنشطة المنهجية, على اعتبار أن هذه الانشطة غير مهمة من وجهة نظر هؤلاء الطلبة وأولياء امورهم, علماً أن مثل هذه الأنشطة هي تجسيد حقيقي لفقرات المنهاج المدرسي, سواء كان ذلك داخل الغرف الصفية, أو خارجها في (المختبرات) المدرسية.

هذه الاسباب وربما غيرها أدّت إلى نقصان عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصلين الأول والثاني والتي كان مخطط لها مسبقاً, والتي انعكست سلباً على سير العملية التعليمية التعلمية برمتها وخاصة فيما يتعلق باكتساب الطلبة للمفاهيم التراكمية الضرورية لكل مادة من المواد الدراسية والتي تؤثر سلباً / ايجاباً على مستوى تحصيل الطلبة في نهاية المطاف.

إن عدد أيام الدراسة الفعلية اليوم وعلى أرض الواقع لم تعد فعلية في قانون وزارة التربية والتعليم للأسف الشديد, وليس لها معنى في الشهادات المدرسية, وعلى المعنيين الوقوف تماما على هذه الجزئية بالغة الأهمية.

اعتقد أن الحل يكمن هنا في استراتيجيتين, الأولى الإبقاء على عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصلين الأول والثاني (195) يوماً كما هي, وهذا يتطلب الإبقاء على حجم المناهج الدراسية كما هي عليه, ثم العمل على تفعيل التعليمات المتعلقة بالحضور والغياب بكل تفاصيلها وعلى جميع الطلبة دون استثناء, أما الثانية فتتعلق بتخفيض عدد أيام الدراسة الفعلية في الفصلين الأول والثاني آخذين بعين الاعتبار العطل الرسمية وظهور اية مستجدات أو اية طوارئ, وهذا يتطلب تخفيض حجم المناهج الدراسية عما كانت عليه سابقاً آخذين بعين الاعتبار الخطوط الرئيسة لكل منهج دراسي, ثم العمل على وضع تعليمات جديدة تتعلق بحضور وغياب الطلبة, والعمل على تفعيلها بكل تفاصيلها على جميع الطلبة دون استثناء.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.