بقرة بني اسرائيل والحكومة وانقطاع الكهرباء


مهدي مبارك عبدالله

بقلم  / مهدي مباك عبد الله

كانه قدر مكتوب علينا في اللوح المحفوظ ان نعيش مع حكوماتنا المتعاقبة حالة تعقيد متضخمة وانفصام مركب واستعصاء مطلق ومناكفات مريضة ونكران سقيم وتسويف ممل واهمال متعمد وترحيل للازمات غير مبرر وعدم اعتراف بالأخطاء والتهوين من التقصير والاهمال ولهذا لا زلنا ندور حول انفسنا كلما وقعنا في كارثة جديدة تطال الوطن وابنائه فلا نعرف كيف حلت بنا ولا ندري كيف المخرج منها والشواهد على ذلك في الماضي البعيد والحاضر القريب كثيرة وهي لا تعد ولا تحصى وكل ( حكومة تأتي تلعن اختها ) وهي تدير البلد بالتصريحات والجوفاء وسياسة تلبيس الطواقي وحكلي بحكلك وعندي اليوم وبكره عندك

منذ آلاف السنوات ربط الله تعالى جزء مهم من تاريخ بني اسرائيل ببقرة وصفها لهم نبيهم موسى عليه السلام وحياً من السماء ليعرفوا بها حقيقة ما خفي عنهم فهل نحتاج نحن معشر الاردنيين كتلك البقرة وربما بقرات أخرى لنعرف كيف ولماذا ومن كان السبب في قطع التيار الكهربائي بهذا الشكل المفاجئ عن جميع محافظات المملكة يوم الجمعة الموافق 21/5/2021 لمدة تجاوزت خمس ساعات في سابقة تحدث لأول مرة

ثم لو افترضنا جدلا ان بقرة بني اسرائيل قد اصبحت بيننا حقيقة فهل حكومتنا ووزيرة الطاقة والثروة المعدنية سوف يتعاملون معنا بالعقل والمنطق والفهم والادلة المهنية بان هنالك سوء في الادارة وتخبط في العمل والرقابة والمتابعة وان هنالك ( خطأ بشري تسبب بتحمل زائد على النظام الكهربائي ) ادى الى فصل التيار الشامل عن جميع محافظات المملكة ( يد بشرية اثمة عبثت او اهملت او قصرت في عملها فكانت السبب المباشر في انقطاع الكهرباء تماما كتلك اليد المجرمة التي اغفلت عمدا تعبئة خزانات الاوكسجين الفارغة في كارثة مستشفى السلط الحكومي المفجعة ومن المحتمل يكون السبب معروف لدى وزراه الطاقة بان ما حصل هو ( خلل في غرفة التحكم والسيطرة ولم يتم التعامل معه ومعالجته بشكل فوري )

اننا على يقين مطلق انه حتى لو جاءتنا ( البقرة نفسها ) التي وصفها موسى عليه السلام لبني اسرائيل بأنها لا فارضٌ ولا بكر عوان بين ذلك وأتبع ذلك بأنها صفراء فاقعٌ لونها تسر الناظرين ستبقى حكومتنا تضيق على نفسها وهي تبحث عن الاسباب القريبة منها وفي متناول يدها متمسكة حتى النهاية بحجتها الواهية وتبريراتها المستهلكة وهي تزداد من صفاقتها واعتراضها وجدالها وعنادها ولسان حالها يقول بغير صدق ( ان السبب خلل فني بخط الربط الكهربائي الأردني المصري بعد تذبذب بالتيار ادى الى فصل الخط مما دعا لارتداد كمية من الطاقة ادت إلى فصل التيار الكهربائي وهو ما نفته مصر جملة وتفصيل )

ثم بعد ذلك يقول مدير عام شركة الكهرباء الوطنية المهندس أمجد الرواشدة ( أن النظام الكهربائي في المملكة يضاهي الأنظمة العالمية وان الاردن لا يعتمد على جمهورية مصر لتزويده باحتياجاته الكهربائية وان ربط الخط مع مصر موضوع فني لمنع التذبذب الكهربائي واستقرار الأنظمة الكهربائية ) وبعدها بقليل يخرج علينا بحكاية ( الطائر الكبير ) الذي تسبب في انقطاع التيار ما نتج عنه ضجة واسعة في مواقع التواصل بالسخرية والتهكم والتندر مطالبين السيد الرواشدة بيان ( فصيلة وحجم ولون الطائر المقصود ) ليتم تعقبه والقبض عليه كما تساءلوا باستخفاف ( هل عبث الطير بالشبكة الكهربائية كان بمنقاره ام بمخلبه ) وربما في قادم الايام تخرج علينا الوزيرة لتقول اعتذر لكم ان انقطاع التيار الكهربائي كان بسبب ( الحسد ) من كثرة الفواتير غير المسددة على الاردنيين اوانه كان بفعل نفر من الجن استهدف بلادنا في غفلة منا هذه نتائج سياسة النعامة ( اخفاء الرؤس في الرمال )

على الحكومة ان تبتعد قليلا عن ممارسة المراهقة السياسية واساليب التعمية والاستهبال وان تراعي عقل ووعي وفهم المواطن الاردني الوفي والصابر والساكت والمتحمل من اجل سمعة وطنه ومستقبله فقط وان تحترم نفسها وتفعل مكانتها وتقف امام مسؤولياتها مهما كانت النتائج والتداعيات وا لا تترك الامور كأنها بازار للتوقعات والتكهنات او برنامج فوازير مسلي او لعبة احاجي والغاز الحكومة مطالبة فورا ودون مواربة ومماط وترك الاستمرار في جلب الدواعي والاعذار والمبررات غير المقنعة من ( خارج الحدود ) والمنطق لتمييع المسألة

وترك الناس في حالة هرج ومرج نهبا للشائعات والتفسيرات والتأويلات والاتهامات المتبادلة والشائعات التي ترددت بقوة ( بان اسرائيل قامت بتعطيل الخط وقطع الكهرباء للضغط على الحكومة حتى لا تستجيب لمطلب مجلس النواب بطرد السفير الصهيوني وان شركة العطارات هي المتسببة في العطل علماً بأن مدير الشركة قد نفى ذلك وان قطع الكهرباء جاء لمنع ابناء العشائر الاردنية المنتفضة لعزة من الوصل الى عمان وان الانقطاع كان قبل ساعات من زحف المواطنين لمنطقة الأغوار للوقوف مع الشعب الفلسطيني ) لماذا تصر ان تضع الحكومة نفسها في موقع غامض وحرج )

ما تكرره وزيرة الطاقة اعلاميا منذ بدء الازمة ليس صحيح في جانبه العلمي والتقني ويشعر المواطن البسيط ان فيه تلاعب في السرد والتوضيح وتزوير واضح للمعلومات والحقائق ولا يمكن استيعابه من قبل طفل صغير خاصة بعد تصريح النائب ضرار الداود بأنه ورد لمجلس النواب معلومات مخالفة لما ورد من الحكومة حول أسباب فصل التيار الكهربائي وتحميل الأسباب لعطل في الجانب المصري وأن هنالك معلومات مؤكدة تفيد بوجود معرفة سابقة لدى ( الجهات المعنية ) بوجود مشكلة بالتيار الكهربائي حاول المختصون تجاوزها الا ان الوقت تداركهم وتم فصل التيار عن المملكة ثم الا يكفي في الرد الرسمي من الجانب المصري بعدم علاقتهم بالخلل الذي حدث وإن الأردن ومصر مرتبطان بخطوط الكهرباء ويتبادلان الطاقة منذ اكثر من عشرين عاما والشبكة الأردنية تغذي مناطق اريحا في فلسطين وما حدث يوم الجمعة لا علاقة له بالقدرات التوليدية اطلاقا اذا لماذا الاصرار والمعاندة غير المنطقية

سيما وان هنالك انقطاع بشكل شامل للتيار الكهربائي حصل في عام 1999 في ظل أجواء غير طبيعية وطارئة في فصل الشتاء نتيجة عاصفة مطرية شديدة ولوجود هالة كهربائية وهنا نسأل وزيرة الطاقة الا يفترض مهنيا الا يكون هناك انقطاع لتيار الكهربائي لهذه الساعات الطويلة خاصة مع وجود فائض في التيار الكهربائي بحسب تصريحات وزارة الطاقة والوزيرة زواتي نفسها واعلانها اكثر من مرة عن قدرتنا على تصدير الكهرباء لدول الجوار ( العراق لبنان سوريا ) وإن الطاقة الكهربائية في الأردن متوفرة ويجب أن يعتمد النظام على نفسه ولا يجوز ان يؤثر أو يتأثر بانقطاع التيار الكهربائي في مصر من خلال التشغيل الفوري لنظام التشغيل الاتوماتيكي لمحطات الكهرباء البديلة وهو الذي ( لم يحصل عند المشكلة ) ولماذا لم يتم وضع مولودات كهربائية محلية بديلة لمواجهة أي طارئ محتمل خاصة وأن كمية الطاقة المستوردة ليست كبيرة نسبيا

فهل وقع هنالك خلل في انظمة الحماية والسيطرة والوقاية في مختلف محطات التحويل في المملكة حسب ما يقوله اصحاب العلم والاختصاص واليس الأمر يدعونا بشكل عاجل للاستفادة مما حصل والتصرف باحتياطات علمية تحو المستقبل وعدم الاكتفاء بتبرير الاخطاء ورفع اللوم وايجاد التبريرات غير السليمة للرواية الرسمية المتواترة
ولا ادري حقيقة لماذا الحكومة والوزيرة معا يصرون على ( اضاءة قنديلنا بالزيت الأجنبي ) اقصد لماذا تم التعاقد مع شركة عالمية معروفة ( شركه تشيزي ) للتحقيق بانقطاع التيار الكهربائي وهل القضية بـ ( حاجة الى تدويل ) ثم اليس لدينا كفاءات وخبرات أردنية مشهود لها عالميا بخبرتها الفنية وانه باستطاعتها معرفة المشكلة الادارية والفنية لما حصل من انقطاع للتيار الكهربائي وتحديد سبب الخلل دون اللجوء للشركات الأجنبية ودفع الأموال الطائلة وكذلك ايضا الا يوجد في الاردن منذ زمن بعيد ( منظومة طاقة متكاملة ) نستطيع من خلالها توفير المعلومات الكافية عن أسباب الحادثة ثم بعد ذلك الا يوجد لدينا كوادر وطنية مؤهلة وقادرة ومقتدرة على ( التدقيق التحقيق ) حول إدارة هذه المنظومة وبكفاءة و فعالية

وزيرة الطاقة زواتي لم تكن موفقة ابدا بالاستشهاد بان هنالك دول مثل تركيا و بريطانيا و موسكوا تعرضت لانقطاع الكهرباء الشامل وهي تقول لنا ( شوفوا التاريخ ) ونحن نقول لها اننا نعلم حقائق التاريخ واحداثه وان تلك الدول تمكنت خلال سويعات بكفاءاتها وكوادرها الفنية المحلية من إعادة التيار الكهربائي الى شعوبها والاعلان الرسمي والفوري عن اسباب الخلل والانقطاع وفق تفسيرات علمية دقيقة وبأسلوب مهني متقدم دون مراوغة وتهرب ومن ثم جرى محاسبة المقصرين اينما كانوا ( مسولين أو وزراء أو حكومة كاملة ) لان ذلك يشكل خطر كبير على الامن الاستراتيجي للطاقة في بلداتهم وهو جزء من الأمن الوطني الشامل لا تهاون فيه بتاتا سواء على المستوى الوزاري أو الفني

هذه الحادثة بما خلفته من اثار سلبية على عشرات القطاعات التجارية والصناعية والمواطنين الأضرار والخسائر الجسيمة في المنازل والمصانع والمنشآت الا تستجوب من الجهات المختصة الدراسة والتحليل والمتابعة الحثيثة لمعرفة الاسباب الحقيقية التي تقف ورائها الوقوف لكي لا تفاجئنا مرة اخرى وان ما حدث يجب الا يمر مرور الكرام خاصة وان الاردن يتعرض لأزمة صحية تتطلب توفير التيار الكهربائي للمرضى واللقاحات واجهزة الاكسجين في المستشفيات والمنازل وان انقطاع الكهرباء يتسبب بتوقف الاجهزة عن توليد الطاقة ويجب الا ننتظر وقوع كارثة جديدة أكبر من أجل محاسبة المقصرين والمهملين على ما حدث

اما بخصوص زيرة الطاقة زواتي الم يكفيها أربعة سنين متتالية في الوزارة لوضع مقاييس علمية متطورة لمراقبة كفاءة الأداء للأنظمة الكهربائية والأجهزة الفينة التي تدير العمليات من تخطيط و تصميم وتشغيل وصيانة والم يتوجب عليها متابعة المساءلة والرقابة المستمرة حول مدى جاهزية وقدرة خطط الطوارئ المحدثة لمعالجة أي خلل في مكونات النظام الكهربائي الذي تؤكد كل المعطيات انه تعرض لـ ( قصور أو اهمال أو تقاعس أو عدم أداء للواجب ) قبل أي عطل في الناقل المصري أو عبث الطائر الكبير خاصة معلومات تفيد بانه تم مؤخرا ( الاستغناء عن عدد من الكوادر الوطنية المؤهلة والقادرة على ادارة هذه منظومة الكهرباء بكفاءة وفعالية )

مثل هذه الاخطاء ينبغي ان توجب على وزيرة الطاقة زواتي ومدير شركة الكهرباء الوطنية امجد الرواشدة ادبيا واخلاقيا تحمل المسؤولية وتقديم استقالتكما عاجلا تماما كما فعل وزير الصحة نذير عبيدات في كارثة السلط المفجعة وعلى حكومتنا ووزرائها التوقف عن تدوير الزوايا والاكثار من المجادلة والتبرير كما فعل بني اسرائيل مع نبيهم موسى عليه السلام في قصة البقرة حين قال لهم ( إنها بقرةٌ لا ذلولٌ تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمةٌ لا شية فيها فقالوا له الآن جئت بالحق ) الامور واضحة والخطأ البشري في الاهمال والتقصير بائن بينونة كبرى

كفانا تصريحات وتبريرات لا تعني والا تسمن ن جوع لان كل ما يتعلق في الكهرباء في الاردن اصبح غامض ويتخلله الشك وتحوم حوله المريبة بأبسطتها تفصيلات فاتورة الكهرباء وطريقة حساب فرق الوقود و فلس الريف لمن يذهب ولا داعي للحديث عن لاسباب غير الموجبة لارتفاع اثمان الكهرباء بشكل جنوني جنوني حيث يتداول منذ زمن بانه يتم ( شرائها من مصر بتكلفة أقل من كلفة انتاجها في الأردن صم يتم بيعها للمستهلك الأردني بأسعار مرتفعة ) على الحكومة مرة اخرى تحمل واجبها الوطني والادبي والاخلاقي ولاعتذار للشعب الأردني عما اصابه من ضنك وكبد بسبب انقطاع التيار الكهربائي والا عليها الاستعجال بالرحيل غير مأسوف عليها
mahdimubarak@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.