كتيبة النخبة بدري 313 مارينز طالبان


مهدي مبارك عبدالله

=

بقلم /  مهدي مبارك عبد الله

بداية أخذت هذه الكتيبة اسمها تيمننا من غزوة بدر الكبرى التي شارك فيها
313 من افضل الصحابة رضوان الله عليهم وانتصر فيها المسلمون بقيادة أشرف
الخلق رسول الله عليه الصلاة والسلام في صدر التاريخ الإسلامي قبل 1400
عام

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن قوات النخبة في حركة طالبان الأفغانية
والتي ظهرت صورها في مطار كابول ومحيطه حيث تشاركوا السيطرة مع القوات
الامريكية على المكان بعد سنوات من العداء المستحكم

بلحى مرتبة وزي عسكري مموه ومتقن وأخذيه قتالية وخوذ للرأس محكمة وسلاح
فردي متطور حرصت طالبان على تقديم نخبة مقاتليها في كتيبة بدري 313 ولا
يخفى في ذلك حرص الحركة على استثمار هذه النخبة من المقاتلين إعلاميا وهو
ما لوحظ أثناء ظهورهم في مطار كابول بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية
حيث نشر اعلام الحركة مقطع فيديو ترويجي لعناصر الكتيبة وقدمهم على أنهم
نخبة مقاتليه وكوماندوز متطور للعمليات والمهام الخاصة

كتيبة بدري 313 قوة عسكرية تابعة لحركة طالبان انتشرت بشكل واسع في وسائل
الإعلام الدولية والمحلية التابعة للحركة على أنها رأس حربة كقوات نخبة
خاصة وقد اشتهرت القوة بدورها الفعال في تسليم العاصمة كابول بدون معارك
او اراقة دماء وكذلك في تامين مطار حامد كرزاي بعد الانسحاب الغربي من
افغانستان حيث سار مقاتلو طالبان المدججين بالسلاح عبر حظائر الطائرات
قبل الفجر ومروا ببعض المروحيات السبع من طراز (سي إتش-46) والتي
استخدمتها وزارة الخارجية الأميركية في عمليات الإجلاء قبل جعلها غير
قابلة للتحليق وتركها على ارض المطار

وقد حظيت  هذه الكتيبة المؤلفة من قوات خاصة برعاية فائقة ودعاية مكثفة
وهالة كبيرة داخل النظام الجديد في أفغانستان من حيث التنظيم والتدريب
والتسليح والقوة وهي مغايرة تماما للصورة التقليدية المألوفة لمقاتلي
ومليشيات الحركة التي اعتاد الناس على رؤيتهم لعناصرها  وهم يلبسون قبعات
تراثية ويتلفعون بالعمامات والجلابيب القصيرة ويرتدون السراويل الطويلة
وينتعلون الشباشب والصنادل ويجلسون متكدسين فوق بعضهم في السيارات شبه
العسكرية

حيث أظهرت مؤخر الصور التي نشرتها طالبان على شبكات التواصل الاجتماعي
جنودا مجهزين بمعدات كاملة من سلاح حربي وخوذ واجهزة اتصال وسترات واقية
من الرصاص واقنعة وحقيبة ظهر ونظارات للرؤية الليلية على غرار تجهيزات
القوات الخاصة الحديثة وهؤلاء هم عناصر كتيبة ( بدري 313 ) الذين انخرطوا
في صفوف قوات النخبة للنظام الجديد

ربما لا تكون هذه الكتيبة في الواقع على مستوى القوات الخاصة الامريكية
او الغربية ولا حتى القوات الخاصة في الهند أو باكستان المجاورة الا ان
أفرادها أكثر قوة من عناصر طالبان التقليديين وبالتأكيد هي أكثر فاعلية
من قوات الجيش الوطني الأفغاني خاصة في اسابيعه الأخيرة قبل هزيمته بدون
قتال وقد كانت هذه الكتيبة التي تتكون من بضعة آلاف من المقاتلين الاشداء
الأفضل تدريبا وتجهيزا في أفغانستان القوات الضاربة خلال الحملة ضد تنظيم
الدولة الإسلامية بين عامي 2017 و2020 باعتباره العدو الاشرس وليس من باب
الصدفة أن تعود الكتيبة الآن إلى الواجهة بعد أن سيطرت حركة طالبان على
البلاد مجدد وان نشر عناصرها في موقع ما يعني أن المكان مهم جدا

هناك احتمالا كبيرا أن تكون باكستان قد قدمت لكتيبة بدري نوعا من التدريب
ويقال ان قطر وتركيا كان لهما دور مماثل وقد أثبت أفراد هذه الكتيبة
فعاليتهم في ساحة المعارك المختلفة والتي كان اخرها انهاء تمرد تحالف
الشمال في وادي بان كشير كما كان لها دور أساسي في اتمام السيطرة
والاستيلاء على كامل أفغانستان وقد استفاد عناصرها كثيرا من الأسلحة
والمعدات والتجهيزات الامريكية الحديثة التي غنمتها الحركة من مستودعات
الجيش الوطني الأفغاني وبعض القواعد الامريكية والمعسكرات الغربية في
افغانستان

وقبل مغادرة اخر جندي امريكي البلاد تسلمت كتيبة بدري مسؤولة الأمن في
محيط مطار كابل بالتعاون مع القوات الأميركية التي كانت لا تزال تسيطر
على مدرجه وتحدت الأميركيين مع رجالاتها عن قرب وقد تم نشر صورة لجنود
الكتيبة وهم يرفعون في لقطة فريدة علم الإمارة الإسلامية على جبال
أفغانستان في مشهد يحاكي صورة شهيرة لمشاة البحرية الأمريكية وهم يرفعون
العلم الامريكي في جبل سوريباتشي باليابان أثناء معركة إيو جيما، في عام
1945 خلال الحرب العالمية الثانية

بالإضافة إلى فعالية الكتيبة في العمليات الميدانية تخدم بدري 313 مصالح
سياسية أيضا وترتبط ارتباطا وثيقا بشبكة حقاني النافذة داخل حركة طالبان
وهي ( جماعة جهادية مسلحة متحالفة مع حركة طالبان  تضم أكثر من 10 آلاف
مقاتل اخذت اسمها من القائد مولوي جلال الدين حقاني )  ولأهميتها شارك
اثنان من ممثلي هذه الكتيبة في المباحثات حول اختيار وزراء الحكومة
الجديدة التي شكلت قبل ايام قليلة

تشكيلات كوماندوز وحدة بدري العسكرية انقذت افغانستان بشكل حاسم من ثورة
دموية وقد جمعت بين التدريب العسكري لطالبان والاحتراف الملحوظ عبر
السنوات بالإضافة الى جهود شبكة حقاني المتواصلة وذلك لإضفاء الطابع
المهني على المؤسسة العسكرية الأفغانية ولذلك فان دور هذه الكتيبة سيبقى
محوريًا ورمزا لتطور حركة طالبان والتزامها بتحقيق غاياتها بشكل يعكس
تقدمها في المجال العسكري

والأكثر لفتاً  للأنظار ان هذه المجموعة ترتدي زي عسكري موحد أقرب إلى زي
الجيوش النظاميّة وقد حرصت الحركة على الترويج الإعلامي للكتيبة وفي
دلالةٍ يراها معلقون على نية الحركة الذّهاب باتجاه بناء مُؤسسات دولة
وجيش نظامي للخروج من قالبها كحركة قتالية  تقليدية لا زال اتباعها في
زيهم التراثي الشعبي

في الواقع لقد تغير كثير عالم طالبان حيث لم تعد بتاتا الحرب التي يشنها
عناصرها كتلك التي شنها آباؤهم ضد الروس بعدما اكتسبوا خبرة ميدانية
واسعة وقدرات تقنية عالية فهؤلاء المقاتلين يعدون حاليا واجهة طالبان
العسكرية المنظمة ووجها الجديد العصري وهي ضمن التغييرات الاساسية التي
تسعى الحركة لإحداثها في هيكلتها وبنيتها العسكرية

في ظلّ المعلومات الشحيحة عن هذه الكتيبة الخاصة لا تتوفر أي معلومات عن
قائدها وتاريخ إنشائها وكذلك تحديد المهام التفصيلية الموكلة إليها وذلك
لدواعي السرية التي تفرضها الحركة على اجهزتها ووحداتها وافرادها منذ زمن
بعيد والتي لن تستمر طويلا بعد سيطرتها على حكم البلاد

mahdmublat@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.