كيف تم خداع إيران أمام حساباتها الخاطئة؟

نسيم العنيزات
يبدو أن كل ما حدث بعد 7 أكتوبر لم يكن صدفة أو ردّة فعل على عملية طوفان الأقصى، بقدر ما كان مدروسًا ومخططًا له بالتنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال.
فإن ما جرى ويجري لقطاع غزة من حرب همجية وإبادة جماعية وحصار شامل، لا يمكن تبريره أو تفسيره إلا في مسار ما يحدث حاليًا، وهو الوصول إلى إيران.
ولتحقيق هذا الهدف، كان لا بد من تحييد الأذرع الإيرانية في المنطقة وإضعاف الجبهات التي يمكن لها التشويش على إسرائيل وإعاقة تحركها أثناء طريقها إلى إيران، التي خُدعت أكثر من مرة خلال السنتين الأخيرتين على الأقل، حيث أخطأت في حساباتها، وتركت إسرائيل تنفرد بأذرعها وحلفائها.
وكنا قد أشرنا وحذرنا إيران من ذلك في وقته، بعد أن تركت الاحتلال يفعل ما فعله في قطاع غزة، مكتفية بالتنديد وبعض المناوشات من حزب الله، الذي وقع في الفخ الإسرائيلي.
فما إن أُضعفت حماس وفصائل المقاومة، تم توجيه ضربة قوية ألحقت أضرارًا كبيرة في بنية الحزب عسكريًا وتنظيميًا، أجبرته على توقيع وثيقة أشبه بالاستسلام خلال الأربعين يومًا.
وانطلاقًا من محطة غزة، التي تُعتبر نقطة انطلاق الاحتلال، تم التنسيق الأمريكي التركي وبعض القوى المؤثرة على التخلّص من بشار الأسد وإنهاء النفوذ الإيراني فيها، لتُعتبر المحطة الثالثة في سير الأحداث نحو إيران، وهذا ما تم.
وحتى تتأكد دولة الاحتلال من أن الأجواء السورية آمنة، وأن مقاتلاتها تستطيع العبور والمرور إلى إيران دون اعتراض، قامت بتدمير كل ما تبقّى من قواعد ومنصات إطلاق في الأراضي السورية لتأمين عبور آمن.
هذا الملف، وهنا أقصد السوري، أصبحت بعض خطوطه تتضح، على الرغم مما يحيط بالبعض الآخر من غموض.
وبعد تأمين كل هذه المحطات وتحييد الأخرى منها، أصبحت إيران في مرمى القاذفات الإسرائيلية، بعد أن خُدعت مرة أخرى بمفاوضات عبثية مع واشنطن، مُحددة أهدافها وشروطها مسبقًا، التي لا يمكن القبول بها من الطرف الإيراني. وكان الهدف خداع إيران وطمأنتها، إضافة إلى تهيئة الرأي العام العالمي الرافض لامتلاك إيران أي سلاح نووي.
لذلك، فإن الأمور مدروسة ومخطط لها، وما كانت عملية طوفان الأقصى إلا ساعة الصفر نحو إضعاف إيران وبسط النفوذ الأمريكي بحراسة إسرائيلية، استكمالًا للأهداف الأخرى في الممرات التجارية والتطبيع، ضمن شرق أوسط بوجه جديد، تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية، تمهيدًا للهدف الآخر، وهو الصين.
وهنا نقول إن إيران قد أخطأت في حساباتها وتقديراتها بحجم مشاركة حزب الله في الحرب على الاحتلال، إبّان ما كانت حماس في أوج قوتها، أو فتح جبهات أخرى، لأنها – على ما يبدو – كانت لديها حسابات أخرى أو إشارات تأمين خادعة.
كما أن طريقة إدارتها لملف المفاوضات والتعامل معه كانت ضعيفة، وعدم أخذ الحيطة أمام الخفايا والنوايا الأمريكية، التي كانت تُحضّر لضربة قوية، لكنها كانت تنوي تهيئة الأجواء وانتظار الوقت المناسب.
وما نريد قوله: إن كل هذا لم يكن عبثًا أو ردّة فعل، بل كان مخططًا له منذ زمن.