لجنة منظومة الإصلاح ومكافحة الفساد


عمر سامي الساكت

=

بقلم  /عمر سامي الساكت

لجنة إصلاح المنظومة السياسية بدت وكأنها ستحل جميع مشاكل الأردن وسينعم الأردنيون بالرفاه إذا طبقت مخرجاتها على الرغم من أن رئيسها والكثير من أعضاءها لا يتمتعون بشعبية عالية ولا مقبولة حتى، وأن ما نتج عنها (والمفترض لم تملى عليها) يخص النشطاء السياسيين والأحزاب والنواب والمرشحين وأصحاب العلاقة فقط، علاوة على بعض النقاط الجدلية المقترحة منهم والتي حتماً ستكون ملزمة، تشتم منها أنه سيترتب عليها مزيد من الإصرار على النهج ويفهم بشكل واضح نية مزيد من التجنيس وتضييع الهوية الوطنية الأردنية تحت مسمى الهوية الجامعة وسحب البساط السلطوي من ممثلي الشعب لحساب النظام ورغم مراوغة الصحيجة فالأردنيين أوعى وأعمق من الكثير من السياسين الذين يعتقدون أنهم فطاحلة.

تلك المخرجات ليست في دائرة أولوية إهتمام السواد الأعظم من الأردنيين الذين أشغلتهم معاناتهم اليومية في حلهم وترحالهم من مسؤوليات بيوتهم وذويهم وكيفية تغطية مصاريف حياتهم اليومية وتسديد قروضهم في ظل ضعف رواتبهم وغلاء المعيشة وزيادة الأحمال الضريبية على البسطاء.

أعتقد بأن الإصلاح كل ما يحتاجه بعيد كل البعد عما تقوم به تلك اللجنة مع كل الإحترام، فالإصلاح يجب أن يلمسه المواطن الأردني بشكل مباشر وليس فئة معينة منه كالنشطاء السياسين ومن لف لفيفهم، ولا يلمس المواطن ذلك إلا إذا كان في صلب حياته اليومة في سكنه وعمله وفي تخليص معاملاته الحكومية وفي مدرسة أبناءه وفي التأمين الصحي والخدمات الطبية المقدمة وفي تنقلاته، وهي عناوين عريضة لتشعبات وتفاصيل كثيرة إلا أن بالإمكان العمل عليها فجُل إن لم يكن جميع تلك القطاعات تعاني من الترهل والفساد وهي ليست مشكلة العاملين فيها بقدر ما هي مشكلة الإدارة والتي لم يتم إختيارها في الأغلب من الأكفاء والأجدر نتيجة الفساد والشللية وعدم عدالة نظام التقيمات والترقيات وأن السلطة والمسؤولية شكلية على الهياكل التنظيمية وضعف أنظمة الرقابة والمحاسبة. الحلول المقترحة عديدة والخبراء متوافرون لكن تتطلب الإرادة السياسية والنية الصادقة والمضي قدماً في البدء بالإصلاح.

أعتقد بأن أولى الخطوات هي أن يتم أشغال المناصب السيادية في كل القطاعات وفقاً للأولويات الوظيفية في الهيكل التنظيمي من داخل كل منظمة ولا حاجة لاستيرادهم من منظمات أو جهات أخرى، وثاني الخطوات هي زيادة وتعزيز سلطات وصلاحيات أجهزة الرقابة المركزية بل والفرعية في كل منظمة وثالثها إعادة هيكلة القطاع العام بشكل كامل وإدخال الأنظمة الإلكتروني الذكية واستثمار الذكاء الإصطناعي ليكون عوناً لكل تلك المنظومة والمفترض أن تكون بشكل صحيح وستنعكس إرتداداتها على جميع القطاعات وفئات المجتمع.

لكن هذا التوجه سيجد مقاومة عنيفة من العهد القديم والفلول أصحاب المصالح والمكاسب المادية والمناصب وهم شبكة ممتدة متشعبة تحتاج إلى قوة ضاربة متمكنة مدعومة متمترسة خلف النظام وبالطبع بالإمكان القضاء عليها بشل حركتهم واضطرارهم إلى الاستسلام والإكتفاء بما حصلوا عليه.

نعم الأمور بسيطة وسهلة بهذا الشكل ولن تحتاج أكثر من عام لحصاد نتائجها ، تعددت الطرق والإصلاح واحد وما نراه هو مراوغة ومضيعة للوقت وتشتيت للجهود وفي كل عام سنعود ندور في تلك الحلقة الشيطانية المفرغة التي لا تنتهي ولا تنقطع إلا بالإرادة السياسية والنية الصادقة الواضحة ولن تكون بالطاقم الحكومي الحالي ولن توهب لنا دون ضغط جماهيري من النخب والمفكريين الوطنيين الذين تشتت جهودهم ومساعيهم من أنفسهم ومن التآمر عليهم من الداخل والخارج.

هدانا الله وأصلح حالنا لما فيه خير للأردن تراباً وشعباً وملكاً وحكومةً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.