مؤسسة غزة الانسانية إسرائيلية المنشأ ومديرها صهيوني إنجيلي


مهدي مبارك عبدالله

هي شركة أميركية هدفها المبيت ( ضبط القطاع بقفاز المساعدات ) يقع مقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا وقد تأسست في شباط 2025 تح شعار مزيف لتخفيف الجوع في قطاع غزة عبر إيصال المساعدات للغزيين مع ضمان عدم وقوعها بأيدي حركة حماس وتجاوز الأمم المتحدة والاعتماد على مؤسسات تفتقر للشفافية المالية حيث يسيطر على طواقمها ضباط احتياط ورجال أعمال إسرائيليون مقربون من الحكومة حين تتولى شركتا الأمن والخدمات اللوجستية الأميركيتان الخاصتان يو جي سولوشنز وسيف ريتش سولوشنز تأمين مسار الشاحنات ومراكز توزيع المساعدات داخل القطاع بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي

 

بعدما غرق مشروع الرصيف العائم الأمريكي قبل أن يطفو وفشلت عمليات إسقاط الطرود الغذائية عبر المظلات من طائرات الشحن العسكرية الامريكية بعد أن سقطت الكثير منها في مناطق الاحتلال أو في البحر أو على رؤوس المواطنين ما تسبب في سقوط شهداء وجرحى وعقب انهيار فكرة تشكيل إدارة محلية في شمال القطاع تدار من قبل زعماء العشائر ووجهاء المخيمات ومخاتير العائلات لتوزيع المساعدات وتسيير الحياة المدنية مؤقتاً بهدف تغييب حركة حماس حيث رفضوا أن يكونوا أداة في يد المحتل وأصدروا بيانات تؤكد دعمهم الكامل للمقاومة وتمسكها بالسيادة الوطنية كما اعتبروا الفكرة خيانة لقضية شعبهم وهو ما شكل وقتها صفعة مدوية  لوزير الدفاع الاسرائيلي غالانت الذي راهن على احداث فجوة كبيرة بين النسيج الاجتماعي والسياسي في غزة

 

وفي لحظة حساسة يعيش فيها قطاع غزة مجاعة حقيقية بفعل الحصار الإسرائيلي وبينما تنتقد الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الطريقة المسيسة التي تدار بها المساعدات اعلنت تل ابيب يوم الاثنين 26 / 5 / 2025 تحت عباءة امريكية انشاء مؤسسة غزة الانسانية حيث تعتمد على أربعة مراكز توزيع رئيسية ثلاثة في رفح وواحد في وسط القطاع وقد جاء هذا الإعلان بعد أن صرح ( جايك وود ) المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل والمدعومة أميركيا والتي كان من المفترض أن تقوم بالإشراف على تلك العملية استقالته بشكل مفاجئ احتجاجا على استبعاد اسرائيل لكافة المنظمات والهيئات الدولية والأممية المتخصصة واستحالة تنفيذ خطط  تقديم المساعدات دون الإخلال بالمبادئ الإنسانية الأساسية من حياد واستقلالية وهو ما عزز حالة عدم اليقين بشأن مستقبل عمليات توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع وقد شكلت استقالة وود ضربة كبيرة لجهود إسرائيل في استئناف المساعدات في غزة بشروطها الخاصة

 

مؤسسة غزة لتوزيع المساعدات إسرائيلية المنشأ وليست أمريكية كما يروج مؤسسوها وهي ترتبط بمكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنامين نتنياهو مباشرة وأن وراء الشركات  الأمريكية التي تولت العمل فيها تقف شركات وشخصيات أمنية وتجارية إسرائيلية مما يثير مزيد من الجدل الواسع حول هوية المشروع الإنساني وأهدافه الرئيسية التي تتمثل في تقويض سيطرة حماس ومنع وصول المساعدات لها وحصرها في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل وفصل سكان غزة عن حماس ماديا ووقف اعتمادهم عليها

 

بعد استقالة ( جايك وود ) تم تعيين الأمريكي الصهيوني ( جوني مور ( رئيسا تنفيذيا للمؤسسة وهو أحد أكثر الشخصيات ارتباطًا بإدارة ترامب وأكثرهم تأثير في سياساته الخارجية خاصة تجاه الشرق الأوسط  وقد لعب دورًا في بلورة أجندة الإدارة الأمريكية الداعمة للاحتلال تحت غطاء ديني وسياسي فضلا عن كونه مناصر شديد للتوجهات الصهيونية الإنجيلية وداعم لقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس حيث شغل مناصب بارزة داخل المؤسسة المسيحية الإنجيلية الأمريكية وكما انه مدافع علني عن الرواية الصهيونية من منطلق توراتي وكان دائما يقول ( من يبارك إسرائيل يُبارَك ) ولا زال يرى ( إسرائيل دولة الله المختارة ) ويتبنى السردية الدينية التي تربط دعم إسرائيل بنجاة العالم المسيحي وقد ظل يتعامل مع غزة كأزمة أمنية يجب إدارتها من الخارج لا كارثة إنسانية تحتاج تضامن دولي حقيقي وصادق

 

تعيين مور ليس بريء ويثبت ان العمل الإغاثي غير مستقل وقد تحول الى أداة سياسية ناعمة لتبييض وجه الاحتلال الاجرامي وتطبيع الحصار وتشويه صورة المقاومة وتقديم الاحتلال كشريك في الإغاثة بعد أن كان سببًا في الكارثة ومحاولة إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني حيث باتت المساعدات الاغاثية تدار بأدوات البيت الأبيض واصبحت المؤسسة بأهدافها الخفية ( أداة هندسة سياسية ) أكثر من كون العمل إغاثي  مما يؤكد أن ادارة المساعدات تخضع لمنطق سياسي وأيديولوجي لا لاعتبارات إنسانية خالصة وان مور ليس مجرد مدير تنفيذي للمؤسسة بل متصهين و حامل مشروع صهيوني بلباس إنجيلي لأسم الرحمة

 

في مشهد يفوق الوصف استهدف آلاف المدنيين الفلسطينيين خلال توجههم لتسلم المساعدات الإنسانية فيما بدا وكأنه كمين محكم نصب بعناية لهم بين قذائف الاحتلال وأسلحة شركة أمنية أمريكية تنشط ضمن ما يفترض أنه مهمة إنسانية لعبت دور اساس في استهداف الفلسطينيين ضمن سياسة ممنهجة في ابادتهم جوعًا ورصاصًا خلال محاولتهم الحصول على المساعدات التي باتت الأمل الأخير للبقاء على قيد الحياة وسط الحصار والمجاعة حيث استشهد العشرات واصيب المئات بعضهم حالاتهم حرجة

اللافت هذه المرة لم يكن فقط إطلاق الرصاص من قبل قوات الاحتلال بل مشاركة عناصر مسلحة تابعة للشركة الأمريكية بما يُعرف بمؤسسة غز الانسانية بإطلاق قنابل الغاز باتجاه المدنيين بالتزامن مع الهجوم الجوي الذي تنفذه طائرات الكواد كابتر ( مسيرات تابعة للاحتلال ) مع قصف الدبابات والرشاشات والقناصة حيث تحولت ساحات المساعدات إلى مجازر مفتوحة يتوحد فيها الجوع والموت بهدف خلق الفوضى المتعمدة كسلاح اسرائيلي جديد لمواصلة إبادة الفلسطينيين وفق خطة مدروسة ولم تعد شاحنات الغذاء تنقذ الأرواح بل صارت وسيلة لاصطياد الفقراء والمرضى والجوعى في طوابير الموت ولم يعد سؤال المعذبين هل ستأتي المساعدات بل من سينجو منها ومن سيسقط برصاص الاحتلال أو اختناقًا بالغاز الأمريكي

 

 مؤسسة غزة الانسانية لتوزيع المساعدات تعمل بشكل عشوائي وتخبط واضح بعدما فتحت مراكز توزيع دون أي تنظيم ولا تعتمد قاعدة بيانات للمستفيدين او جدول زمني أو نظام قائم على الرسائل أو الإشعارات المسبقة كما تفعل الهيئات الأممية مما يدفع آلاف الفلسطينيين نحو المواقع أملاً في الحصول على كمية بسيطة من الأرز أو كيس طحين بمحرد الإعلان عن أماكن التوزيع من خلال مكبرات صوت تحملها طائرات مسيرة إسرائيلية تنقل نداءات عشوائية للناس بالذهاب إلى نقاط محددة

 

وهو اسلوب متعمد لخلق الفوضى وتدافع الناس ليدوس بعضهم بعض ويموت الكثيرين بين الحشود في الزحمة وبهذا الواقع المؤلم اصبحت مراكز توزيع المساعدات مصائد بشرية للقتل والاعتقال وبات المستفيدين أهدافً مكشوفة أمام نيران الطائرات والجنود مما يؤكد أن الاحتلال لا يوزع الغذاء بل يوزع الموت على مراحل مستخدمًا سلاح الجوع كأداة ضغط وسيطرة وسلاح الرصاص كأداة تصفية أما العناصر الأمريكية تلعب دور المنسق الأمني والشريك في المجزرة وان عملهم لا ينفصل عن الدعم المباشر الذي تقدمه امريكا للاحتلال الإسرائيلي من خلال تقديم المال والسلاح وتوفير الغطاء السياسي واللوجستي لاستخدام المساعدات الإنسانية كجزء من أدوات الحرب في سابقة خطيرة تحول فيها العمل الإغاثي إلى وسيلة منظمة للقتل والتصفية في ظل صمت دولي مريب وسط استمرار إسرائيل في فرض نظام تجويع قسري يرقى إلى الإبادة الجماعية وإن وجود ( شركة أمنية أمريكية كذراع عسكري ) جديدة يشهد بتورط مباشر لواشنطن في عمليات قمع المدنيين والمشاركة في المجازر كما ويفتح باب التساؤل حول أهداف واشنطن الحقيقية من الدعم المستمر للاحتلال

 

المشهد المتكرر في غزة وبالذات في رفح ومحيط  نتساريم تجاوز كل الحدود المقبولة للانحدار الأخلاقي في إدارة الكوارث واستخدم الجوع سلاح لكسر صمود الفلسطينيين وتحويل مراكز المساعدات إلى مصائد دموية وهذا لم يكن خطأً بل سياسة متعمدة ومنظمة تكشف أن المساعدات التي تشرف عليها اسرائيل لم تعد تمثل طوق نجاة بل غطاءً لجرائم حربها وأداة ضغط للرضوخ والاستسلام وامتداد لسياسة محاصر غزة وخنقها اقتصادياً ومعيشياً وصولا الى  تغيير الواقع الأمني والسياسي بعد فشل الآلة العسكرية الاسرائيلية في تحقيق أهدافها الاجرامية

 

عندما يأتي الموت من السماء والارض في سبيل كسرة الخبز وشربة الماء وعلبة الحليبوعندما تتلحف الانسانية بعباءة الاغاثة وتخطط للقتل والخطف والاعتقال وعندما تتولى الاشراف على توزيع المساعدات الانسانية مؤسسة امنية لا تمت للإنسانية باي صلة حيث يديرها من ساعدوا بقوة على  صناعة الجريمة وتزوير الاحداث والكيل بمكيالين فان كل هذه المشاريع تكشف عن استراتيجية إسرائيلية واضحة لاستخدام الجوع كأداة لإخضاع شعب بأكمله والسيطرة على الأرض من خلال المساعدات لا عبر الاحتلال العسكري المباشر فقط لكن هذا المخطط سقط على أبواب غزة ليس فقط بفعل الفشل الفني والاداري بل لأن الفلسطينيين رفضوا أن يكونوا رهائن للرغيف المشروط بالولاءوالاذلال

 

في النهاية نؤكد بكل ثقة ان المساعدات في غزة تحولت الى أداة للسيطرة والاختراق والمقايضة لتشكل دليل دامغ على إفلاس الاحتلال الاسرائيلي عسكريا وسياسيا وانسانيا وانكشاف المخططات الامريكية في المشاركة الفعلية بالإبادة الجماعية وفرض الحصار وسياسة التجويع على شعب اعزل جله من الاطفال والنساء بينما غزة ما تزال تقاوم وحدها بكل ما فيها من قوة وكرامة وجوع ودماء

 

يذكر انه تم قتل ازيد من 130 فلسطيني واصابة اكثر من 1000 اخرين على يد عناصر امنية امريكية واسرائيلية تابعة لمؤسسة غزة الانسانية لتوزيع المساعدات حتى الان

كاتب وباحث مختص في الشؤون السياسية
mahdimubarak@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.