مئوية الدولة والصمود العظيم.


د. كمال الزغول

في مئوية الدولة الثانية بجب ان نتحد حول البنود الثابتة التي دخلنا بها المئوية الأولى، وهذا الثبات يتحقق بالتضحيات التي بذلها كل مواطن اردني نذر نفسه فداء للوطن متأملا بوفاء الحكومات بوعودها لبناء مسيرة البناء والاصلاح والتصحيح.

فالاردن تاريخيا هو الجامع لحضارات الكون ودياناته ،وحتى اختلافاته،وهو اول محطة لتأسيس الامة، وهو الموطن الاول للتحرير، حيث شهدت بلدة ملكا في شمال الاردن اول معركة فاصلة اسست لبناء دولة الاسلام ، من الاردن ، اعلن انطلاقة امة من جديد، ففي الاردن 10 آلاف شهيد من الصحابة الاوائل ،ومقاماتهم شاهدة على ذلك بين الشمال والجنوب .

من الاردن حُررت القدس من الصليبيين مرتين ، التحرير الأول انطلق من قلعة صلاح الدين الايوبي في عجلون ،والتحرير الثاني انطلق من قلعة الكرك على يد القائد ناصر الدين قلوون.

الاردن كان سندا لعين جالوت وتحريرا للمنطقة من المغول….تلك هي الارضية الصلبة نحو التأسيس .

فالمحطة الاولى للتأسيس كانت بعد ان نهض الاردن من خلال ثورة العرب ليواجه معاضل استعمارية عز نظيرها ،بدأت بالانتداب البريطاني ونظرة العالم اليه على انه مصلحة دولية.

فكافح حتى نال استقلاله عام 1946، لكن لم يهنأ الاردن باستقلاله بسبب دخول الكيان الصهيوني عام 1948 في وجه الاردن الصامد، وبروز اطماع دفع ثمنها تضحيات وتضحيات ،ففي كل بيت اردني شهيد وفي كل مساحة في الاردن نجيع لهؤلاء الشهداء .

 

لحق الاستقلال السيادي قرار تعريب الجيش من قبل الراحل الكبير الحسين رحمه الله ، وهذا اول ثمرة قطفناها من نيلنا الاستقلال سابقا ، لكن بعد سنوات جاءت محطة نكبة ال67 التي برزت فيها التضحيات، وما زلنا نبحث عن قبور شهدائنا في اللطرون، وجبل المكبر، وفي جنين ونابلس، وسبسطية ومثلث الشهداء.

وما أن لبثنا عاما والا وجاءت معركة الكرامة التي اغلقت بابا لم يُفتح للعدو الصهيوني وكانت بها تضحيات بنصر كبير.

لم يكن جيشنا العربي الا نصيرا للعرب، الذي شارك بالدفاع عن الجولان وساهم بحفظ الامن في الدول العربية.

الأردن قام باثراء جميع الدول الصديقة والمجاورة بالكفاءات التعليمية والطبية والحرفية، وقد ساهم الاردن ببناء مؤسسات تلك الدول، وبناء وهيكلة جيوشها.وفي مجال التعليم قام ببناء الجامعات والمؤسسات التعليمية حيث تكاد تكون الامية صفرا ،ففي الاردن 17 جامعة خاصة و10 جامعات حكومية و 51 كلية مجتمع.

الاردن دوليا شارك في قوات حغظ السلام الدولية في ٣٥ دولة ،وارسل ما يزيد عن ٢٠ مستشفى الى مناطق اللجوء والصراع،وبلغ عدد جنود الاردن في قوات حفظ السلام ما يزيد عن 100 الف جندي منذ عام 1989 ،وبلغ عدد الجرحى في جميع المناطق 1070 جريحا، والشهداء 35 شهيدا.

اما فيما يتعلق بالمحطات الانسانية،فلم يرفض الاردن اي لاجئ قادم الى اليه ,وقدم المساعدات الانسانية لجميع اللاجئين بكل ما اوتي من مصدر و قوة.

واريد ان اقول هنا ان العامل المشترك بين تلك المحطات التاريخية الاردنية آنفة الذكر خلال المئوية الاولى هو التسامح والتراحم والنخوة والمروؤة التي يتصف بها الاردني، والتي جسدها بالتآلف بين جميع اطياف المجتمع من مختلف الأعراق والطوائف والمنابت، بالفعل هذا يجعلنا نقف على اطلال تلك المحطات التاريخية ونحن نتأمل مستقبلا رائعا قد لا يكون ببعيد اذا استلهمنا الكفاح الايجابي من مسيرتنا خلال مئة عام.

شكرا لكم والف تحية لكل اردني شهم وكل نشمي احب وطنه وثبت فيه،ذلك هو الصمود العظيم بين التراب والشعب والجيش والقيادة .
مئوية مباركة على الجميع

وكل عام وانتم بخير. .

الدكتور كمال الزغول
باحث ومحلل سياسي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.