مركز الحسين للسرطان صرح طبي شامخ وتجربة إنسانية فريدة

مهدي مبارك عبدالله
مع بداية شهر ايار الجاري تابعت وبشكل يومي حالة احدى قريباتي قبل وبعد اجراء العملية الجراحية في مركز الحسين للسرطان بعد اصابتها المفاجئة بسرطان الثدي وقبل ذلك لم اكن اعلم الكثير عن هذا المركز وما هي طبيعة عمله او مدى كفاءة كوادره الطبية ولا كيف يتعامل الموظفين مع المرضى واسرهم والزوار او على أي اسس يتم تأهيل موظفي الاستقبال للتدريب على استقبال المرضى بشكل لائق وبابتسامة جميلة
الحقيقة انني فوجئت وقد سرني بما وجدته في هذا الصرح الطبي الوطني العريق المكلل بأقدس المعاني الانسانية الجليلة وخصال التقدير الاصيلة التي تقابلك في كل قسم وركن وزاوية حيث تتجسد سلوكا حيا على ارض الواقع حينما ترى بأم عينيك كل الكوادر الطبية والتمريضية يعملون بإخلاص وامانة لخدمة المرضى بذات الاهتمام وأدق التفاصيل وهو ما يجعلنا نرفع به رؤوسنا عاليا بهذا الصرح القيم الذي يشكل إرثا عزيزا لجلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ووفي ذات الوقت هو رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني المتقدة ومفخرة الأردن والاردنيين المتجددة
مركز الحسين للسرطان مؤسسة وطنية مستقلة غير حكومية وغير ربحية تأسس عام 2001 بإرادة ملكيّة سامية حيث البدايات المتواضعة بسبب محدودية الموارد وظروف الأداء الصعبة وقد افتتحه صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم وأطلق عليه تسميته الجديدة تخليداً لذكرى المغفور له صاحب الجلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ليضطلع منذ انطلاقته بدور ريادي متميز كحصن منيع ودرع واقي لصحة المواطن الاردني خاصة بعدما اثبت مكانته الرائدة بحصوله على الاعتماد الدولي الذي صنفه في المرتبة الأولى بين الدول النامية والسادسة عالميا كمركز متخصص لعلاج السرطان حيث استطاع برؤية قيادته الحكيمة وإخلاص كوادره المؤهلة من ذوي الكفاءات الفريدة والخبرات الرفيعة محاكاة ( قصة وطن قوي وشامخ ) حقق أعظم الانجازات في وقت شحت فيه الموارد والامكانيات وكثرت الصعوبات والتحديات
للأمانة والانصاف ان اول ما لفت نظري هو السلوك اللطيف والمهني والحماسة والهمة والنشاط للكوادر الطبية والتمريضية والصحية والعاملين بالمركز وان مستوى الخدمات العامة التي شاهدتها توازي ( الرفاهية الفندقية ) بل هناك تفوق واضح في بعض الكماليات والتجهيزات ووسائل الراحة لتحقيق مزيدً من التعافي وسرعة الشفاء والعجيب انني لم اشتم في أي مكان في المركز رائحة المنظفات المنفرة كما الحال في باقي المستشفيات الحكومية ولقد وجدت نفسي منتشيا في احد انظف وارقى مراكز العناية الطبية العريقة في الاردن والاهم انني لم اصطدم بتلك ( الكشرة او سلوك النرفزة ) من أي من الطواقم الطبية او التمريضية او الادارية التي اعتدنا عليها للأسف الشديد في بعض دوائرنا ومؤسساتنا الوطنية وانني على يقين بان كل ما شاهدته لم يكن مجرد مجاملات زائفة او لطف مصطنع
دعوني اقولها لكم بكل امانة وصدق اننا لا نغالي ابدا ولا نجافي الحقيقة مطلقا اذ قلنا بان مركز الحسين للسرطان يمثل في وطننا حالة فريدة ومنظومة طبية متكاملة تليق بالأردن وشعبه بدءا من الإرادة الصلبة لتحقيق مفهوم المستشفيات الذكية والتنظيم الدقيق للعمل والكفاءة التشغيلية العالية والبنية الحديثة ذات المهام المتعددة والمرافق المتطورة والأبداع والتميز فضلا عن الحضور والنجاح والنماء والارتقاء والقيم الانسانية النبيلة وتحدي المستحيل وتجاوز سقف الممكن بسجل حافل ومشرف من إنجازات أطبائه المعروفة محليا وعالمياً
ان ما يميز مركز الحسين للسرطان ليس فقط جودة الرعاية الطبية الاستثنائية بل أيضا النهج الإنساني الخلوق القويم في التعامل مع المرضى وذويهم وطمأنتهم والإجابة على كافة أسئلتهم واستفساراتهم حيث يحرص الكادر الطبي المؤهل على تقديم الرعاية الشخصية لكل مريض من لحظة التشخيص وحتى مرحلة التعافي ثم متابعة تحسن حالته المستدامة بعد خروجه والتواصل المستمر معه وهو ما عزز الثقة والطمأنينة لدى المرضى وأسرهم وبلسم قلوبكم الجريحة بالإضافة إلى كل ذلك فقد شكل المركز ببنيته التحتية المتطورة وتصميمه الداخلي العصري الذي وفر أجواءً الطمأنينة والهدوء مع غرف مجهزة بأحدث وسائل الراحة والمعدات الطبية ذات التقنيات التكنولوجية المتطورة لضمان أفضل رعاية وإقامة للمرضى بالإضافة الى تخصيص مساحات مناسبة للعائلات وغرفة العاب للأطفال مما ساهم في خلق بيئة داعمة ومشجعة على خلق الامل بالشفاء السريع وهو ما جعله نموذج متقدم يستحق أن تروى حكايته ويُحتذى به في تقديم الرعاية الصحية المتكاملة وفق أعلى المعايير الدولية بعدما جمع بين التقنية الحديثة والخبرة الطبية والاهتمام الإنساني ليصبح الوجهة العلاجية الرائدة في الأردن والمنطقة العربية
لقد شكل مركز الحسين للسرطان الذي بناه الأردنيون بعزمهم وتصميمهم مع مؤسسة الحسين للسرطان ذراعان أساسيان لمنظومة الصحة المتكاملة في بلدنا وهما لا يحتاجان من أحد مديح او ثناء فضفاض لأن ادارتهما وكوادرهما يعملون بصمت ونكران للذات وهم يحصدون النجاح تلو النجاح لكنه في المقابل لا ضير من ( التأشير ) على مكانتهما العالية ومسيرتهما الريادية الرفيعة في هذا الوطن من أجل تعظيم الإنجازات البناءة والمثمرة التي تليق بالوطن وأبنائه ومشروعه الطبي الكبير
معلوم بان الإدارة الناجحة هي التي تقود مشروعا ناجحا وهي التي تعمل على توسيع دائرة الفعل وخلق فرص الابداع والتميز وان وراء كل إنجاز عظيم حققه مركز الحسين للسرطان نخبة مميزة من القادة والمسؤولين والاطباء والممرضين والصيادلة والموظفين والعمال المبدعين والخلاقين والمنتمين الذين لا تهزهم الرياح ولا يحنون اكتافهم للعواصف لانهم تعلموا مبادئ حب الوطن ومعاني الايثار والتضحية في مدرسة الهاشميين منهل ومنبع الفضيلة ومكارم الاخلاق حيث عشقوا قيادتهم الملهمة وأخلصوا لها الولاء والانتماء والعطاء وقد تصدرت هذا الركب الخير الفارسة العربية النبيلة صاحبة القلب الكبير والايدي البيضاء والمواقف المشرفة