مشكلة الكلاب الضالة وأثرها على المجتمع

محامي محمد صدقي الغرايبة
تُعد مشكلة الكلاب الضالة واحدة من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمعات المحلية في المدن والقرى على حد سواء. هذه الظاهرة لا تقتصر على كونها مشهداً يومياً مألوفاً في الشوارع والأحياء، بل تمتد لتشكل تهديداً حقيقياً على حياة الناس، وخاصة الأطفال وطلاب المدارس والنساء وكبار السن.
فالكلاب الضالة غالباً ما تتحرك في جماعات وتتمركز في الأحياء السكنية، مما يجعلها خطراً على المارة. الأطفال وطلاب المدارس هم الفئة الأكثر عرضة للهجوم، فهم يضطرون يومياً إلى المرور عبر الشوارع في أوقات الصباح الباكر أو بعد الظهيرة، حيث تنشط هذه الكلاب وتصبح أكثر عدوانية. ولا يخفى ما يترتب على ذلك من إصابات جسدية ونفسية قد تترك آثاراً طويلة المدى، إضافة إلى حالات الذعر التي قد ترافقهم طوال حياتهم.
أما النساء وكبار السن، فإنهم أيضاً عرضة للاستهداف، نظراً لضعف قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم أو الهروب بسرعة. وقد سجلت العديد من الحوادث التي تعرض فيها هؤلاء الأشخاص لهجمات مباغتة، انتهت بجروح خطيرة أو مضاعفات صحية.
وتزداد خطورة هذه المشكلة مع غياب الضوابط والإجراءات الفعّالة لاحتواء الظاهرة. فالجهات المختصة لا توفر في كثير من الأحيان برامج حقيقية للسيطرة على تكاثر الكلاب الضالة، ولا تعمل بشكل كافٍ على تطعيمها ضد الأمراض الخطيرة مثل داء الكلب (السعار)، الذي يشكل تهديداً مباشراً على حياة الإنسان في حال انتقاله. وترك هذه الحيوانات بلا رقابة أو رعاية بيطرية يجعلها أكثر عدوانية وأكثر قدرة على نشر الأمراض.
إن استمرار هذا الإهمال يترك المجتمع أمام مشهد خطير: كلاب سائبة تجوب الشوارع، تعيث في الأرض بلا رادع، وتفرض حالة من الخوف والقلق الدائم على السكان. ومع غياب الحلول الجذرية، تصبح الأرواح البشرية مهددة بشكل يومي.
ولذلك، فإن مواجهة هذه المشكلة تتطلب خطة شاملة تبدأ بتفعيل برامج جمع الكلاب الضالة وتطعيمها، مروراً بإنشاء مراكز إيواء ورعاية، وانتهاءً بحملات توعية تشارك فيها البلديات والمؤسسات التعليمية والصحية. فالمسألة ليست مجرد “إزعاج يومي”، بل قضية حياة وصحة عامة تستوجب التدخل العاجل لحماية المجتمع، وبالأخص الفئات الضعيفة .