منطقة الميسر في بلدة الهاشمية تحتضن أقدم أشجار الزيتون المعمر في الأردن


الباحث محمود حسين الشريدة

تعد منطقة عجلون من أغنى مناطق المملكة الأخرى باحتضانها لشجر الزيتون المعمر ،والتي زرعة منذ ايام الحكم الروماني لبلاد الشام ، ويقدر عمرها حسب بعض الدراسات من خلال فحص عنصر الكربون فيها لأكثر من ألفين عام ،  وفي اعتقادي بان منطقة الميسر في بلدة الهاشمية ، ومنطقة الخلة في بلدة الوهادنة ، تضم أقدم أشجار هذا النوع ، حيث يمتاز هذه الأشجار بعدة مميزات منها طول عمر الشجرة والمساحة التي تغطيها أغصانها وضخامة ساقها وفراغه من الداخل ، وطيب نوعية الزيت المستخرج منه .

 

والموروث الثقافي في محافظة عجلون، يميّز بين أحجام أشجار الزيتون حيث يُطلق اسم “عود” على الشجرة غير المعمّرة ، واسم “القرعود” على شجرة الزيتون المعمّرة متوسطة الحجم ، في حين أن اسم “المهراس” يطلق على الزيتونة المعمّرة كبيرة الحجم ، التي يبلغ قطر ساقها في بعض الأحيان إلى أربعة أمتار ، كما هو أمامنا في منطقة الميسر في بلدة الهاشمية .

 

يعد الميسر من اكبر الأماكن مساحة يحتضن شجر الزيتون المعمر والمعتنى به بشكل ممتاز ، وموقعة في الجهة الشمالية من بلدة الهاشمية ، ترتاح النفس لرؤيته ، وهنا نقدم الشكر لأهالي بلدة الهاشمية الكرام لاهتمامهم الكبير بهذه الشجرة المباركة بما يقدمونه من عناية ورعاية كبيرة لهذه الشجرة المباركة ، وكذلك يوجد مساحات من الأرض تحتوي على هذا النوع من شجر الزيتون المعمر في كل من “الشلا” ووادي أبو الحبل ووادي التون ومصقاع الحريق والقطاطين والحباصية وعبريثا وغيرها .

 

أما في بلدة الوهادنة فيتواجد هذا النوع من الشجر المعمر ، والذي يعتمد على مياه الأمطار فقط ، في كل من الخلة وخلايا الراجح ومياسة والجلسة وخربة الشيخ راشد ، ووادي الراهبي ومنطقة عراق البنات وعجوليا ونيسا والملول وغيرها .

 

تتواجد هذه الشجرة المعمرة بالإضافة إلى بلدتي الهاشمية الوهادنة في كل من بلدة حلاوة وعنجرة وكفرنجة وعجلون ، ويجب أن نفرق بين شجرة الزيتون المعمر ذات حجم الساق الكبير والمزروعة في المناطق ألبعليه ، والتي تعتمد على مياه الأمطار فقط وبين أشجار الزيتون التي تنمو في المناطق الري والتي تعتمد على الري المستمر من مياه الينابيع والأودية حيث أن الأخيرة تمتاز أيضا بحجم ساقها الكبير إلا أن عمرها لا يتجاوز بعض مئات من السنين ، لكن الري الدائم لها يجعلها تنمو بسرعة ويزداد حجم ساقها ، ولكنها لا تحضى بمميزات شجر المهراس المعمر والذي يعتمد على مياه الامطار في نموه .

 

وهناك بعض الدراسات تقول بان الأصول الجينية لزيتون حوض البحر الأبيض المتوسط في كل من اسبانيا وايطاليا تعود إلى زيتون المهراس في بلدة الهاشمية .

وهذه الدراسات أثبتت  أن زيتون “المهراس”، في محافظة عجلون، يُعتبر من أقدم السلالات الجينية للزيتون في مناطق حوض البحر المتوسط ، سوى في النطاق الأوروبي أو العربي ، وقد يكون المهراس الذي يعيش في منطقة الميسر حسب بعض الدراسات أباً لأشجار زيتون في كل من ايطاليا واسبانيا .

ويعد المهراس أصلاً عريقاً حافظ على كيانه عبر العصور، وله قدرات على التكيّف مع التغيرات المناخية والبيئات القاسية والحفاظ على نوعية زيت مميزة .

وان هذه الدراسات أثبتت أن شجر الزيتون تم زراعته في منطقة الأردن قبل أكثر من خمسة آلاف سنة

وبالثقافة الجمعية في منطقة عجلون يجمع الكل ، أن نسبة الزيت في ثمار زيتون المهراس مرتفعة وقد تصل إلى 30%، وهي من أعلى النسب لأصناف الزيتون في الأردن وخاصة إذا ما قورن بزيت زيتون صنف ألنبالي الواسع الانتشار بالأردن .

طعم زيت شجر المهراس مستساغ ذو نكهة مميزة ، كما أن طعم زيتون الرصيع المكبوس من ثمار المهراس طيب ، ويختلف في جودته عن باقي أنواع الزيتون الأخرى .

تشير إحصاءات وزارة الزراعة إلى تقدير عدد أشجار الزيتون في الأردن بنحو 18 مليون شجرة. لكن نسبة أشجار زيتون المهراس فقليلة جدا ، وهي تواجه خطر الانقراض، جراء إقدام جهات على خلعها من الأراضي الزراعية، ليعاد زرعها كأشجار زينة في القصور والفلل ومداخل الفنادق، وبيعها بأثمان تتراوح من 500 إلى 2000 دينار، حسب عمر الشجرة وحجمها .

تخلع هذه الأشجار تحت ذريعة استثمار الأراضي التي كانت عليها ، بهدف البناء أو فتح الطرق أو إقامة المساجد وغيرها .

وهنا أوجه نداء إلى كل من مديرية زراعة عجلون وبلدية الشفاء بعدم الموافقة على خلع هذه الأشجار النادرة بذريعة بناء مساكن مكانه وعدم الترخيص من البلدية للبناء مكان هذه الأشجار التي تمثل هويتنا الوطنية .

 

الباحث / محمود حسين الشريدة

3 تعليقات

  1. خالد السباعي بني ياسين يقول

    جميل أن نجد من يهتم باشجار الزيتون المعمرة…. ويقال بأن الزيتون كلما كانت كبيره في العمر تكون ثمارها ألذ وأطيب…
    ومن الجدير بالذكر هنا انه توجد منطقة في بلدتي كفرالماء اسمها الميسر فيها أشجار زيتون ضخمه وتقديمه.!! وربما هنالك تسميات لها معنى ولم تكن بالصدفة..!
    يعطيك العافية اخ محمود… وإلى المزيد..

  2. محمود حسين الشريدة يقول

    أشكرك اخي ابو بشار على مرورك الطيب وعلى كلماتك الرائعة وعلى فكرك الخلاق …
    نعم اشاركك الخوف على هذه الشجرة النادرة التي تحدت مختلف التقلبات الجوية والمناخية والبيئية وصمدت ولا زالت تؤدي دورها في الحياة ،
    والان تتعرض لخطر الانقراض ، وشتان اخي ابو بشار ، بين شجرة الزيتون المعمرة المهراس التي تعيش على مياه الامطار ، وبيت شجرة الزيتون المعمرة التي تعيش على مياه الري الدائم ،
    يسلم قلمك ويدوم فكرك ونشاطك …

  3. كرم سلامه حدّاد يقول

    ابدع الاخ والمورخ والباحث العقيد الركن ابو محمد الغالي بهذا التوصيف الرائع لاشجار الزيتون المباركة في جبل عجلون عامة والهاشمية خاصة . وتنتشر هذه الاشجار في معظم بلدات المحافظة, وهنالك خطر على وجودها ,نظرا لندرتها, وفي عرجان ايضا هنالك عدد من (المهاريس) قد يتساوى عمرها مع مهاريس المناطق الاخرى,
    دائما ابو محمد يتحفنا بما هو جديد,,,واعتقد ان المركز الوطني للبحوث الزراعية ومديره النشط , الدكتور المهندس نزار جمال اعقيل حداد قد اجرى دراسة على هذه الاشجار اثبتت انها الاقدم في العالم,وهي الاصل .
    وتبقى عجلون هي الاحلى والاغلى

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.