وجهة نظر في الحزبية


د. عزت جرادات

=

*ما الأحزاب السياسية؟

-يعبر مفهوم الحزب السياسي عن تنظيم وطني حول مشروع نهضوي، ويكون سياسياً في جوهره، يسعى إلى تطبيقه بأساليب مشروعة.

وحتى يحقق الحزب السياسي مشروعه فأنه يعتمد على قوى إجتماعية أو ما يعرف بالدعم الجماهيري أو الشعبي أو المجتمعي، حسب مبادىء الحزب.

ولا بد للحزب أن ينبثق من رؤى فكرية ومن معاناة شعبية أو مجتمعية، فتكون مبادؤه وأهدافه معبّرة عن آلام المجتمع ومعاناته، وعن آماله وتطلعاته. تستوعب المشروع، وقادرة على صوغ برامجه التي يخاطب بها الشعب بهدف إيجاد مناخ عام ومجتمعي مؤيّد لمبادىء الحزب وبرامجه.

*المجتمع الأردني والحزبية…

-لعل من سمات المجتمع الأردني، قابليته للحزبية، فقد نشأت الأحزاب السياسية مع نشأة الأردن، وما قبل نشأته حيث وجد فرع (لحزب الإستقلال السوري) عام (1919) في عهد الحكومة الفيصلية، وتأسس (حزب الشعب الأردني ) عام (1927) وهو الحزب الذي نادي إلى عقد المؤتمر الوطني الأول عام (1928)… ولسنا في مجال سرد تاريخي لتطور الأحزاب السياسية في الأردن …. فالمقصود أن النشاط الحزبي السياسي صاحَبَ نهضة المجتمع الأردني منذ عهد الإمارة، واستمر بتلقائية ودافعية ذاتية.

-فقد شهد المجتمع الأردني نهضة حزبية وبشكل خاص في عقد الخمسينيات من القرن الماضي، فكان مدادها المثقفون والأساتذة وطلبة المدارس، جذبتهم المشاريع الحزبية الكبرى، واثّرت فيهم الأفكار والمبادىء الحزبية، فكان الإنخراط في أنشطتها إستجابة لعنفوان الشباب، والإيمان بمشاريعها الكبرى… وكان تلقّي التمويل من أي جهة يمثل إتهاماً لذلك الحزب!.

*الحزبية بين التسويق والترويج

-يشهد المجتمع الأردني اليوم ظاهرة قد تكون فريدة من نوعها وتتمثل (بالتسويق) للحزبية، رسمياً وقيادات فكرية، وإغراءات مالية لدعم الأحزاب السياسية، والحثِّ على الأنتماء إليها فالسلطة التنفيذية، وحسب تصريح رسمي، ستعمل على تشجيع المواطنين على المشاركة الحزبية. وعلى إزالة المحظورات حول العمل الحزبي.

– إن هذا (التسويق) للحزبية قد لا يؤدي إلى الإنخراط الحقيقي أو الإقتناع التلقائي بالحزبية، إنْ لم يؤدِّ إلى نتيجة عكسية، فالمثل الإنجليزي (إنك تستيطع أن تأتي بالحصان إلى الماء، ولكنك لن تستطيع إرغامه أو قبوله للشرب).

-إن البديل لعملية (التسويق) هو ما يعرف بالترويج (بالانجليزية Promotion) لمشروع الحزب وأفكاره ومبادئه… ولاحقاً لبرامجه، يقوم بها الحزب نفسه، فتتحول المنتديات الى حوار فكري جادّ، ومناظرات سياسية تشمل مختلف فئات المجتمع…. فيكون البقاء للأصلح… وهي عملية تحتاج إلى جهد ومنهجية علمية، ووقتٍ ليس بالقصير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.