وجهة نظر في تجربة لجان البلديات الحالية ،،،


منذر محمد الزغول

=

بداية أؤكد أنني لا أتحدث في مقالي هذا عن بلدية بعينها  وإنما أقصد جميع  بلديات المملكة بشكل عام  ، فالتجربة واحدة وتكاد تكون  جميع لجان البلديات مُشكلة من نفس المسميات الوظيفية ، أي من الحكام الإداريين ومدراء الدوائر الرسمية .

 

على كل بدأ عمل  لجان البلديات الحالية منذ نهاية شهر أذار الماضي أي منذ حل المجالس البلدية المنتخبة بعد إنتهاء مدتها القانونية ومن المنتظر أن يستمر عمل لجان البلديات الحالية حتى شهر نيسان من العام المقبل 2022م  حتى إختيار  مجالس بلدية جديدة في الإنتخابات التي ستجري في العام القادم .

 

المتابع لعمل لجان البلديات في هذه الأوقات يستطيع الحكم عليها مباشرة دون أن يخوض كثيراً  بالتفاصيل بالرغم من محاولات البعض تجميل عمل رؤساء بعض اللجان لأسباب وأهداف ومنافع شخصية ، إلا أن أمر لجان البلديات أصبح واضحاً ، فكثير من رؤساء وأعضاء اللجان ينظرون الى مهمتهم  على أنها مهمة  تسيير أعمال الى حين إنتخاب مجالس بلدية جديدة  وهنا تكمن المصيبة والكارثة ، فلو كان الأمر متعلقا بشهر أو شهرين أو حتى ثلاثة أشهر لتقلبنا الأمر بكل رحابة صدر ، لكن هذه اللجان ستمارس عملها لأكثر من عام ، فهل ستبقى هذه البلديات بدون إنجازات حقيقية  على أرض الواقع  كل هذه الفترات ، وهل من المعقول أن تبقى مهمة اللجان هي فقط لتسيير الأعمال اليومية المتعارف عليها من نظافة وأمور أخرى  الى حين إنتخاب مجالس بلدية جديدة .

 

شخصيا ليس لدي أي مشكلة أو إعتراض على أعضاء لجان البلديات فجلهم من مدراء الدوائر الرسمية  الذين نحترمهم ونحترم مؤهلاتهم  وخبراتهم  ووجودهم بهذه المجالس  أعتبره  إضافة نوعية للبلديات لو تم إستغلال  خبراتهم على الوجه الأمثل ، بالإضافة الى أن أعضاء هذه اللجان ليس مطلوبا منهم التفرغ لعملهم بلجان البلديات ويستطيعون بكل سهولة ويسر التوفيق بين عملهم كمدراء  لدوائرهم الرسمية وبين عملهم كأعضاء بلجان البلديات ، لذلك  يبقى وجود مدراء دوائر وحكام إداريين كأعضاء فقط  في لجان  البلديات أمرا مقبولاً ولا خلاف عليه .

 

لكن عندما يتم تكليف مدراء رسمية أو حكام إداريين لإدارة بلديات مراكز المحافظات والبلديات الأخرى فهنا تكمن المشكلة ، وأتوقع أننا لمسناها على أرض الواقع ، وعانينا منها كثيرا ، فكيف لمدير دائرة مهمة أو متصرف أن يوفق بين عمله  ووظيفته  وبين عمله  كرئيس لجنة بلدية ، وكلا المهمتين أصعب من بعضهما البعض ، وتحتاجان الى التفرغ الكامل ، وقد لاحظنا ولمسنا على أرض الواقع  أن بعض رؤساء اللجان لم يستطع التوفيق بين المهمتين ، فخسرناهم في مهمتهم ووظيفتهم الأصلية وخسرناهم في البلديات ، ولم نعد حتى نستطيع العثور على هذا المسؤول ، فتارة يقولون لك أنه في وظيفته الأصلية وتارة يقولون لك أنه في البلدية ، وهو بالأصل ليس هنا أو هناك ، فضاعت حقوق البلاد والعباد ، وضاعت معها البلديات التي كنا نأمل أن تتطور وتزدهر .

 

أخيراً  أتوقع أن تجربة لجان البلديات الماضية كانت أنجح قليلاً من التجربة الحالية ، فقد كان على رأس لجان بعض بلديات المملكة حينها  أشخاص مؤهلين والأهم أنهم متفرغين ، وكما لاحظنا فقد كان رؤساء بعض  هذه اللجان من أصحاب الخبرات والكفاءات من مهندسين وضباط كبار متقاعدين ورؤساء بلديات سابقين وغالبيتهم من الأشخاص المتفرغين تماما لعملهم كرؤساء لجان في هذه البلديات ، وقد لاحظنا ولمسنا أن رؤساء بعض هذه اللجان أنجز في عدة أشهر ما عجز عنه رؤساء بلديات منتخبين في عدة سنوات .

 

لذلك  هذه دعوة من مُحب لأهله ووطنه  لأصحاب القرار في بلدنا الغالي و لوزارة الإدارة المحلية تحديداً أن يفكروا جلياً مستقبلاً في تشكلية لجان البلديات ، فليس كل حاكم إداري أو مدير دائرة يستطيع أن يقود بلديات كبرى فيها من المشاكل والقضايا والهموم ما فيها  ، لسبب واحد  وهو أن هذه البلديات تحتاج الى التفرغ الكامل ، وقد يقول  البعض  أن موظفي البلديات الكبار هم من يديروا بلدياتهم ، لكن يبقى السؤال لماذا لم يكلف هؤلاء الموظفين بإدارة بلدياتهم الى حين إنتخاب مجالس جديدة .

 

بلديات المملكة يجب أن لا تكون حقلاً للتجارب ، فمهمة هذه البلديات خطيرة وكبيرة وهي أساس التنمية ، لذلك أتمنى مستقبلاً على أصحاب القرار في بلدنا أن يكون أمر هذه اللجان مختلفاً تماما ، وخاصة في مجال إستثمار وإستغلال  خبرات الموظفين الكبار  والضباط المتقاعدين ورؤساء البلديات السابقين ، فجميع هؤلاء الأشخاص المتفرغين لديهم القدرة  الكاملة على إدارة البلديات  وتحقيق  الإنجازات كما لمسنا ذلك من خلال  تجربة بعض لجان البلديات في الدورات السابقة .

 

والله من وراء القصد ،،،

منذر محمد الزغول / وكالة عجلون الاخبارية 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.